طحنون بن محمد:

معجزة ديسمبر غيَّرت مسيرة التاريخ في وطننا الغالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجه سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية كلمة بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للاتحاد.

وفيما يلي نص الكلمة التي وجهها سموه عبر مجلة «درع الوطن»: «إن في طيات الزمن العديد من الأحداث الجسام التي مرت على الأمم والشعوب ومنها ما يجعل التاريخ يقف مجبراً أمامها ولا يمكن له أن يمر عليها مروراً عابراً إنما يسجلها بين صفحاته بحروف من ذهب كونها ليست من الأحداث العادية أو العابرة بل هي من الأساسيات التي أسهمت في تغيير حياة الشعوب ونقلها من نمط إلى آخر ومن معايشة إلى غيرها وهذا ما حدث فعلاً هنا فوق أرض الإمارات الحبيبة.

ففي يوم الثاني من ديسمبر عام 1971 تمت المعجزة التي غيرت مسيرة التاريخ في وطننا الغالي هذه المعجزة هي بروز دولة الإمارات العربية المتحدة إلى حيز الوجود في وقت كانت فيه كل التجارب الوحدوية العربية السابقة تنهار وتفشل لأسباب عديدة ولم يكن أحد وقتها يتوقع أن تظهر محاولة أخرى في الوحدة والاتحاد ويكتب لها النجاح لكن إرادة المخلصين والمؤمنين بحرية وطنهم وبمستقبل شعبهم تعلو فوق كل يأس وتتجاوز كل الصعاب والعقبات وتستطيع أن تحول الأحلام إلى حقيقة معاشة وواقع ملموس وبحمد الله وتوفيقه تحقق للوطن وأبنائه كل ما كانوا يصبون إليه من عزة ورفعة وأشرقت في يوم الثاني من ديسمبر من عام 1971 شمس الاتحاد مضيئة بأنوارها ربوع الوطن الحبيب ومبددة حجب الظلام ومنهية متاعب الفرقة التي كانت تحرم الشعب من التماس طريق المستقبل المشرق وتحول بظلامها وفرقتها دون الوصول إلى مسارات النهضة والحضارة.

ولقد كان في مقدمة أولئك المخلصين الذين ساروا على درب الاتحاد وقووا أركانه الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته حيث إنه كان ببعد نظره وسعة مداركه يعرف أنه لابد من قيام دولة واحدة في هذا الوطن تجمع الشمل وتوحد الهدف وتلم الشتات وترص الصفوف للنهوض بالبلاد وأبنائها والوصول بهم إلى حيث ما وصلت الشعوب والبلدان المتقدمة التي سبقتنا بسنوات عديدة في مجالات الرقي والتقدم والحضارة وتلاقت أفكاره وإرادته

رحمه الله مع أفكار وإرادة إخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وأثمرت جهودهم المخلصة في قيام دولة الاتحاد دولة قوية ثابتة تشق طريقها بكل ثبات نحو الأهداف المنشودة ولتبرهن للعالم أجمع أن أبناء الإمارات قادرون على تحمل كل المسؤوليات وباستطاعتهم تذليل كل المشاق والحفاظ على المسيرة الاتحادية وكل الإنجازات التي ترفع من مستوياتهم وتحقق طموحاتهم وتطلعاتهم واليوم ها نحن نحتفل بالذكرى الرابعة والثلاثين لقيام

الاتحاد.

وبقدر ما نحن سعداء وفرحون بعيدنا المجيد بقدر ما يملأ أنفسنا من الحزن والأسى على فقد زعيمنا وقائدنا ومؤسس دولتنا الحبيبة الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله تعالى، وعزاؤنا كذلك أنه تولى القيادة فينا خير خلف لخير سلف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله ورعاه، ولا شك في أن قيادته للبلاد والعباد ستسير على نفس النهج الذي رسمه قائد المسيرة الراحل وعلى نفس الطريقة التي جعلت من بلادنا مثار إعجاب لدى كل شعوب العالم لأنه نهل من نبع زايد الخير وترعرع بين يديه وتشبع من أفكاره العظيمة.

أبناء الإمارات جميعاً على يقين كامل بأن المسيرة ستستمر بقوة وبزخم كبير بما نعهده في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ومعه أخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات من إخلاص وتفان في حب الوطن وأبنائه ومن إدراكهم جميعاً لمتطلبات المسيرة العصرية من العمل الدؤوب والجهد المتواصل لرفعة الوطن وأبنائه ولقد عرف أبناء الوطن أكثر من غيرهم أن ما تحقق في دولة الإمارات لم يكن بالأمر الهين واليسير بل حصل بمشقة وتعب وكان القادة المخلصون يبذلون كل جهودهم ودعمهم دون كلل أو ملل للحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي تحققت لدولتنا وشعبنا وها هي دولة الإمارات العربية المتحدة تقف شامخة البنيان ثابتة الأركان قوية الإيمان تحرسها عناية الرحمن وتعيش بفضل منه في أمن وأمان تقودها إلى طريق المجد والسؤدد إرادة المخلصين من القادة وأبناء شعبهم الذين وهبوا أنفسهم لخدمة الوطن الغالي والوصول به إلى أرقى أماكن النهضة والحضارة.

ونحن نحتفل اليوم بهذه الذكرى الغالية فإننا نشيد بكل الجهود الجبارة التي أثمرت هذه المنجزات الضخمة والمكاسب الكبيرة التي عمت أرجاء الوطن في جميع المجالات الحياتية ولا يمكن لأي متابع أن يعدد الكم الكبير والحجم العظيم من المشاريع والمكاسب الهائلة التي تحققت في ربوع الوطن من جميع النواحي العمرانية والتعليمية والاقتصادية والصحية والزراعية والعسكرية والأمنية وغيرها وخير الاتحاد قد وصل إلى المواطنين جميعاً وهم يرفلون اليوم في أبهى معاني الحياة الكريمة ويعيشون أرقى مدارج الحضارة العالمية وأصبحت سمعة الإمارات على لسان كل الشعوب ويحظى أبناؤها بالاحترام والتقدير في كل دول العالم وخير الإمارات لم يكن حكراً على أبنائها بل امتدت الأيادي الإماراتية الخيرة إلى كل شعوب الأرض إقليمياً وعربياً وعالمياً.

وإماراتنا اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله ورعاه، تسهم بفعالية وتقف مع دول الخليج العربية بكل ثبات وإخلاص في تقوية دول المنطقة وإسعاد شعوبها وتمتين روابط الأخوة والمحبة بين أبناء الخليج وتعمل بجدية في دفع مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لما فيه مصلحة أبناء المنطقة ورفعتهم وتحقيق الأهداف المنشودة التي يتطلعون إليها وعلى الصعيد العربي فلدولة الإمارات العربية المتحدة مواقفها المعروفة والمعهودة نحو القضايا العربية المتعددة حيث إنها لا تبخل بشيء نحو أشقائها العرب دائماً تكون بجانبهم تدعمهم وتقويهم وتؤكد تضامنها معهم في كل القضايا المصيرية انطلاقاً من إيماننا الراسخ بديننا وعروبتنا فنحن جزء لا يتجزأ من الأمة العربية فمصيرنا ومستقبلنا واحد وعالمياً فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تشارك باجتهاد في كل قضايا شعوب العالم قاطبة من أجل أن يسود السلام والأمن كافة دول العالم لتنتشر العدالة والمساواة ويعم الاستقرار والأمن البشرية جمعاء وهذا نهج واضح لسياسة الإمارات لا يتغير ولا يتحول هذه إمارات الخير حب ووفاء خير وعطاء تقدم ونماء ونرجو من الله أن تستمر هذه المسيرة المباركة بهذه العزيمة الصادقة والانطلاقة القوية نحو تحقيق المزيد من الأهداف السامية ومن المنجزات الرائعة والعطاءات الحضارية التي ننشدها للوطن وأبنائه.

وفي الختام ندعو الله مخلصين أن يوفق قائد مسيرتنا المباركة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لما فيه الخير والصلاح وتحقيق المزيد من التقدم والرقي لدولتنا وأبنائها ونتقدم إلى مقام سموه بأجمل التهاني وأحلى التبريكات بهذه المناسبة العظيمة داعين الله أن يمد في عمره ويشمله بتوفيقه ورعايته وكذلك نتقدم بالتهنئة إلى صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وإلى أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وإلى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإلى أصحاب السمو أولياء العهود في إماراتنا الحبيبة وإلى جميع أبناء شعبنا الكرام الأوفياء ومزيداً من الخير والتقدم والنماء نرجوه لوطننا وأبنائه وللأمة العربية والإسلامية جمعاء وكل عام وأنتم بخير». (وام)

Email