مقايظ الإمارات.. ثقافة للمكان وذاكرة للزمان

مقايظ الإمارات.. ثقافة للمكان وذاكرة للزمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر رحلة المقيظ في الإمارات قديماً موسم فرح وسرور سنوي يعيشه أهل الساحل الذين اعتادوا الانتقال صيفاً من منازلهم إلى المقايظ تحت وطأة مناخ وطقس شديد الحرارة مشبع بنسبة مرتفعة من الرطوبة، فمع بداية الصيف يستعد الرجال لموسم الغوص في حين تنتقل النساء والأطفال للمقيظ سعياً وراء الأماكن الباردة التي يتوفر فيها الماء والظلال الوارفة وثمار الفاكهة والخضار الطازجة.

ومن أشهر مقايظ الإمارات قديماً مدينة العين، ويتذكر المواطن خميس بن زهير الكعبي من أهالي العين البالغ من العمر سبعين عاماً أيام القيظ في العين، مؤكداً أنه أمام حرارة الصيف ورطوبة المساء التي لا تطاق في مدن الساحل كانت العوائل بكامل أفرادها.

ومستلزماتها تشد الرحال إلى واحات العين الغناء ذات الأفلاج الجارية ومياه العيون المتدفقة، مما خلق نوعاً من الهجرة والانتقال الموسمي بين المناطق المختلفة داخل الإمارات وفي بعض الأحيان يتعدى أرض الإمارات فيصل إلى دول الجوار.

ويضيف واصفاً موسم الصيف في العين «كانت الخضرة تعانق الجبل والصحراء ونستمتع بسماع اللحن الجميل الصادر عن خرير المياه العذبة وهي تنساب في الافلاج طوال العام.

أما صيف العين فكانت له نكهة خاصة نستبشر فيه ببشارة حبات رطب النغال ونتوق لمذاق باقي فاكهة الصيف ونفرح مع قدوم الحضار (أهل الساحل) في قوافل جماعية من كل حدب وصوب، يتوافدون في مهرجان سنوي اعتدنا عليه ويسرنا قدومهم، فتجمعنا بهم ليالي العين نتسامر وسط أشجار النخيل وتحت النجوم والقمر، فيتحول حر الصيف إلى متعة ننتظرها كل عام».

ويقول كانت العين من أروع المقايظ بالدولة على الرغم من بساطتها وبساطة بيوتها التقليدية المبنية من الطين وسعف وجذوع النخيل إلا أنها كانت باردة صيفاً ودافئة شتاءً، بينما تزيد أفلاج العين (الصاروج) والداوودي والجيمي والقطارة والمعترض وهيلي من برودتها صيفاً.

والتي كانت تتدفق بها المياه العذبة قوية على مدار العام، حتى أن مستوى الماء في فلج العين كان يزيد على ثلاثة أمتار، مشيراً إلى أن ماء فلج الداوودي كان مرغوباً من قبل الأهالي أكثر من الافلاج الأخرى لأن ماءه عذب وأحلى من ماء فلج الصاروج.

ويشير المواطن خليفة عبيد بودهوم من سكان منطقة الجميرا بدبي إلى أن أهل الحضر من سكان دبي يقيظون في البراحة والوحيدة وأبو هيل وكانت هذه المناطق عامرة بالنخيل والخيرات، وكانت بمثابة مقيظ لبعض الفرجان مثل فريج الشمال والبطين والضغاية وعيال ناصر، لافتاً إلى أن أهل ديرة يقيظون في البراحة وأهل جميرا يقيظون في الجميرا فيما بعض الأهالي يشدون الرحال إلى العين والبريمي.

وقال إن الأهالي يقومون ببناء العريش في البراحة بعضهم يعتمد على نفسه والبعض الآخر يستأجر أستاذاً يبني له العرشان مقابل أجرة في العادة تبلغ خمس روبيات فقط. من جانبه يقول المواطن جمعة حميد من الشارقة البالغ من العمر ثمانين عاماً تنوعت وتعددت مقايظ الإمارات قديماً بين مقايظ المناطق الجبلية في رأس الخيمة مثل خت وغليلة والحيل ومعيريض وشعم.

بالإضافة إلى دبا ومسافي في المنطقة الشرقية، وعادة تكون هذه المقايظ وجهات الأهالي المفضلة في وقت الصيف، لأن رياح الكوس الباردة تهب عليها في شهور الصيف من جهة بحر العرب فتنخفض درجة حرارتها.

Email