تقضي على الرتابة والنمطية وتخلق روحاً جديدة للعطاء، تدوير الخبرات.. صياغة تلبي احتياجات المؤسسة التربوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 20 شعبان 1423 هـ الموافق 26 أكتوبر 2002 الخبرة التربوية ركيزة في صرح التقدم والازدهار وما من دولة حريصة على هذا التقدم إلا وأولت العملية التربوية وخبراتها تقديرا بالغا وآمنت بأهمية الدراسات والبحوث والتجارب في هذا الميدان لبناء المجتمع على اسس سليمة وراسخة ولا شيء في ضوء ذلك ادعى الى مهارة المربي من ان يتغذى بآراء الآخرين. واذا كنا نؤمن بالخبرة التربوية ودورها وضرورة تدويرها لتأثيرها الفاعل على مستوى اداء مؤسساتنا التربوية فعلينا ان نضع معايير واضحة ومحددة في ضوئها يمكننا الاستفادة من اصحابها ونسعى «لاطلاق طاقاتهم بالقضاء على ما يمكننا تسميته بنظريات ـ التعشيش ـ التي يصبح فيها (التربوي) موظفا لا يبرح مكانه مما يضر كثيرا بدافعيته وعطائه، وعلينا إلى جانب ذلك وضع مؤشرات لتدوير تلك الخبرة حتى لا تكون المسألة عشوائية وتفقد بها مؤسساتنا اسلحة القوة لديها. من وجهة نظر نوره لوتاه نائب مدير منطقة دبي التعليمية للشئون التربوية ان عدم وضوح فكرة «تدوير الخبرات» يتمثل في هيمنة المفهوم التقليدي لتدوير الخبرات والكامن في نقل مجموعة افراد لديهم الكثير من الخبرة والانجازات من اماكن عملهم الحالية الى اماكن اخرى تعاني من ضعف الفعالية والكفاءة لتقوم هذه الفئة المنجزة بتوظيف خبراتها في اماكنها الجديدة بهدف رفع مستوى الاداء والفعالية بها لافتة الى ان عرض القضية بهذا المستوى من التبسيط سبب في عدم نجاحنا حتى اليوم في وضع معايير محددة في ضوئها يتم الاستفادة من اصحاب الخبرة في تطوير مستوى اداء الوحدات الضعيفة في المؤسسات والاستفادة من خبراتهم بشكل عام. واشارت لوتاه الى ان تدوير الخبرات ليس هدفا في حد ذاته وانما وسيلة لتحقيق المزيد من التطوير وعلينا اولا التمييز بين اصحاب سنوات الخدمة وذوي الخبرة في المؤسسة، وعلينا الانتباه ايضا الى ان اصحاب سنوات الخدمة ينتسبون الى فئة منجزة تراكمت لديها الخبرة وبين فئة غير منجزة تعدت في اماكنها سنوات طويلة، وعلينا كذلك الالتفات الى انه اذا كان نقل اصحاب سنوات الخدمة من فئة غير المنجزين مقبولة وسهلة حيث ان الهدف من نقلهم هو رفع مستوى ادائهم بالدرجة الأولى ونطلق على هذا النقل بالتحفيزي إلا ان عملية نقل الفئة المنجزة التي تراكمت لديها الخبرة وحققت الكثير من النجاحات في اماكن عملها الحالية التي استنزفت جهود هذه الفئة لسنوات طويلة ونقلها الى مدارس متدنية الاداء بحجة توظيف خبرات هذه الفئة لتطوير هذه الوحدات الضعيفة مؤكدة ان القضية ليست بهذه البساطة. تدوير مشروط وتؤمن لوتاه بالنقل او التدوير المشروط لذوي الخبرة والانجازات في مؤسستنا وتعني بذلك نقل عناصر من الفئة المتميزة من أماكنها الحالية الى اماكن اخرى ضعيفة الاداء وذلك بعد استشارتهم كنوع من التقدير لجهودها وانجازاتها لسنوات طويلة مع اعطائها حوافز معنوية لتبقى دافعيتهم للتطوير مرتفعة في الاماكن الجديدة التي ستتطلب بكل تأكيد جهدا خارقا، داعية الى عدم نقل تلك الفئة نقلا تعسفيا دون استشارتها بحجة تطوير العمل الا في الحالات الاستثنائية والطارئة كإلغاء مدرسة او دمج مدرستين. وتساءلت لوتاه: لماذا بقيت مجموعة من العناصر ضعيفة الاداء على الرغم من سنوات خدمتها الطويلة لتضطر المؤسسة بسبب ذلك لنقل الفئة المنجزة والاستعانة بها في عملية التطوير في حين ان الجميع يتعاطى نفس الراتب؟ فإذا لم نطرح هذا السؤال فإننا نكون بذلك كمن يعاقب المجتهد ويكافيء المخفق ونكون ايضا قد انتهجنا نهج الترقيع لمشاكلنا التربوية بمعنى اننا وجدنا حلا لمشكلة وهناك مشكلات اخرى عالقة مستعرضة امثلة منها: مصير المدارس المتميزة اذا نقلت قياداتها التربوية المتميزة التي صنعت هذا الانجاز ومن سيأتي مكانها وهل ستستمر انجازاتها ام ستختفي مع مرور الايام. واختتمت مؤكدة ان نقل من هم اقل مقدرة وكفاءة لهذه المدارس مسألة في غاي التعقيد ولايمكن اعطاء رأي قاطع فيها مقترحة قيام كل منطقة بالتشاور مع الاطراف المعنية بهدف وضع معايير واضحة وايجاد صيغة مدروسة لقضية تدوير الخبرات. وفي رأي جعفر الفردان مدير السعيدية الاعدادية ان تدوير الخبرات يقضي على الكثير من سلبيات الرتابة والنمطية التي يعيشها بعض الاداريين والمعلمين من جراء سنوات الخبرة التي يقضونها في المكان الواحد، ولعل تواجد المعلم على سبيل المثال في مدرسة واحدة لأكثر من خمس سنوات يقتل فيه طموح الابداع لأن المبدع متجدد ومتطلع ولكن من يبقى في مكانه سنوات طويلة يعيش على ذكريات ايامه الأولى. واوضح الفردان اذا اردنا تفجير ما لدى المعلم والاداري من طاقات فعلينا ان نضع له سنوات عمل واخرى حصاد للمكان الواحد والمدرسة الواحدة مشيرا الى ان خمس سنوات كافية جدا لأن يجد الموظف فيها نفسه ويؤكد خبراته ثم ينقلها الى بيئة اخرى ليستمر مسلسل العطاء والابداع دائما. واستطرد الفردان قائلا: البعض يعشش في الوظيفة والمكان الواحد لعشرات السنين حتى يصبح يرى الاشياء باللون العادي وتختفي رويدا الألوان في عينيه مستشهدا بمناداة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع لمحاربة نظريات التعشيش التي يصبح الموظف فيها موظفا من المهد الى اللحد مما يضر كثيرا بالعمل والدافعية والعطاء لافتا الى ان الانسان المتميز دائما ما يبحث عن الجديد ومتطلع للتحدي عكس الانسان السلبي غير المتجدد الذي نراه بيروقراطيا لا يبحث إلا عن الستر والعيش بجوار الحائط ويتبنى مفاهيم ونظريات غريبة مثل نحن نعمل على قدر المعاش او الراتب والذي يعمل مثل الذي لا يعمل من وجهة نظره وتراه ايضا يحمل عن ظهر قلب مجموعة من الامثال والحكم المحبطة والمنفرة من العمل. ويعتقد الفردان ان فكرة تدوير الخبرات كالحجر في البركة الآسنة وستخلق روحا جديدة للعطاء وستقضي ايضا على المشكلة الازلية ـ الدروس الخصوصية ـ لان المدرس الذي عشش في مدرسة ما فترة طويلة اصبح خبيرا بمدرسته وصارت له اتصالات وعلاقات وطيدة تمكنه من الوصول الى اهدافه بغاية البساطة والسهولة مطالبا بوضع مؤشرات ومقاييس لتدوير الخبرات كأن يعطي المؤشر معدل 10% لتدوير الخبرات بين المدارس حتى لا تصبح العملية خاضعة للعشوائية ونجد بعض المدارس فقدت اغلب مرتكزاتها واقطابها واسلحة القوة لديها ولكن بتقنين التدوير يصبح العمل أكثر انتاجية ويصب في مصلحة العملية التعليمية والانضباطية ايضا التي يجب ان نأخذها بعين الاعتبار. تبادل ثري ويؤكد عبدالكريم أحمد مخزوم مدرس اللغة العربية بثانوية دبي أن الممارسة التربوية تتجدد بتجدد الفكر فيها، والفكر التربوي مثله مثل سائر عناصر المعرفة عالمي التوجه وحصيلة تبادل ثرى فيما بين الثقافات والشعوب ـ ونحن منهم ـ مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها». واضاف: ان الخبرات التربوية والتعليمية فن مكتسب لايجاد المعلم المفكر المبدع الذي يعتبر نفسه معلماً ومتعلما في الوقت نفسه وذلك لايمكن له ان يكون إلا من خلال تدوير الخبرات في ميادين التربية والتعليم للارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية وبناء المجتمع المنشود اذ لا شيء ادعى الى مهارة المربي من ان يتغذي بآراء الاخرين وتجاربهم فما الليث إلا عدة خراف مهضومة..! وأكد مخزوم ان تلاقح الافكار والخبرات امر حتمي لأنه سيولد خبرات جديدة نحن بأمس الحاجة اليها وتدوير الخبرات لا يقتصر على جانب معين دون آخر وان كان المعلم هو المستهدف الأول في الميدان التربوي على وجه الخصوص لافتا الى ان عملية تدوير الخبرات سلاح ذو حدين يمكن ان يكون في حده الثاني الضرر في شكل ما من اشكاله ولاسيما اذا كان نقل احد المعلمين من مدرسته ذريعة لذلك الهدف! مع ان هذا الهدف يمكن تحقيقه والمعلم في مكانه من خلال محاضرة له او درس نموذجي او بحث او عرض لتجربة تربوية.. والأهم من ذلك كله اولا واخيرا هو ان يشعر المعلم بأنه يؤدي رسالة سامية تهون في سبيلها كل العقبات. دور ايجابي ويعدد محمد حسنين مشرف عام مراكز التقوية بدبي اساليب اكتساب المرء للخبرة ذاكرا منها ما هو مباشر وغير مباشر مشيراً الى ان الأساليب غير المباشرة تتمثل في التعامل والاحتكاك ببيئة المجتمع لافتا الى انه لو طبق هذا على المعلم لكان لتدوير الخبرات دور ايجابي في تنمية كفاياته المهنية واكتسابه خبرات جديدة يوظفها في تطوير خبراته مما يكون له الاثر والفاعلية في الارتقاء بالعملية التعليمية. واوضح حسنين ان عمليتي التعليم والتعلم نظام متكامل البرامج ولايمكن الاهتمام باحدهما على حساب الآخر لذا كان من الضروري الاهتمام بتدوير الخبرات في مختلف عناصر النظام التعليمي ولكن بطرق مختلفة خلال فترات زمنية مختلفة تتوقف على طبيعة العمل والخطط الاستراتيجية للعناصر. ويقول محمد صبري احمد مدرس الرياضيات بثانوية الامام مالك: ان تشجيع انتقال الخبرات الناجحة والممارسات النوعية والمبادرات التربوية الواعية بين المدارس بما يقرب تماثل الاداء فيها ويقارب بين الممارسات التربوية التي تسود فيها تعبر في النهاية عن وحدات تنفيذية ومواقع تطبيقية تستظل نظاما تربويا واحدا لافتا الى ان ذلك يتم عن طريق تبادل الزيارات الصفية بين المدرسين ذوي التخصص الواحد لنقل الخبرات والاستفادة المتبادلة وايضا عمل بعض الحصص النموذجية المصورة تؤكد على كيفية التفاعل الصفي واحتواء جزئيات المنهج وتبادلها بين المدارس وعمل حلقات نقاشية وورش عمل بين معلمي المادة الواحدة على مستوى المنطقة لتبادل الخبرات وايضا معرفة التجارب التربوية الناجحة والرائدة في مدارسهم وان يشيع الموجة بين المعلمين العمل التشاركي الذي يتسم بروح الفريق مما ييسر الوصول الى تحقيق الأهداف بصورة حسنة وبأفكار مشتركة من شأنها توليد قناعات جديدة ومفيدة ومدروسة وبالتالي يتم تدوير الخبرة بدون تدوير صاحبها. ويشير عبدالكريم شعشاعة مدرس الكيمياء بثانوية دبي الى انه سبق تطبيق تدوير الخبرات في تعليمية دبي العام الدراسي 93 ـ 94 على مستوى معلمي المواد الدراسية في المرحلة الثانوية حيث تم نقل اقدم مدرس في كل مادة مرتأيا ان التدوير عملية مفيدة جدا لزيادة الاحتكاك بين المعلمين وتبادل الخبرات فيما بينهم بما يساعد على الارتقاء والتطوير في العملية التعليمية متسائلا: هل تم تقديم التجربة وتقييم نتاجئها؟ مطالبا بتعميم التجربة على جميع العاملين في المدارس على ان ينفذ كل ثماني سنوات مرة للمعلم والموظف في آن

Email