البيان تنشر ملامح النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، ورقة عمل اماراتية يناقشها اجتماع لجنة القواعد الاجرائية بنيويورك اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشارك دولة الامارات العربية المتحدة, اليوم, في اجتماع اللجنة المكلفة باعداد القواعد الاجرائية والنظام الاساسي والإثبات للمحكمة الجنائية الدولية, الذي تستمر فعالياته بنيويورك بالولايات المتحدة الامريكية حتى الثلاثين من الشهر الجاري, وتأتي مشاركة الدولة بوفد يترأسه المستشار عبد الرحيم يوسف العوضي, المحامي العام, الذي صرح لـ (البيان) بان الاجتماع سيناقش ورقة عمل اماراتية, تبنتها الدول العربية, موضوعها اركان الجرائم التي تشكل عدوانا على الانسانية, وهو موضوع خطير يهم الدول العربية والاسلامية, نظرا لتناقض مفهوم هذه الجرائم بين دولنا والدول الغربية مما يجعل تحديد هذه الجرائم, يمثل مشكلة, يسعى هذا الاجتماع إلى حلها بسلام, وتحاول ورقة العمل الاماراتية العربية, ان تضع الضوابط اللازمة لتلك الجرائم, مما سيساعد حتما على حل المشكلة وخلق نوع من التفاهم والاتفاق عليها, وصولا الى تحديد النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية. بدايات الفكرة وقال المحامي العام ان فكرة انشاء محكمة جنائية دولية كانت موجودة منذ نهاية الحرب العالمية الاولى وظهرت مجددا بعد الاحداث البشعة التي ارتكبت اثناء الحرب العالمية الثانية, ومقتل اكثر من 50 مليون شخص, وبالفعل قررت الجمعية العامة للامم المتحدة في التاسع من ديسمبر عام 1948, تفويض لجنة القانون الدولي بها, بمهمة دراسة امكانية تأسيس محكمة جنائية دولية تعاقب الافراد الذين يرتكبون تلك الجرائم التي تصل الى الابادة الجماعية, الا ان الاجواء السياسية الدولية خلال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات جعلت من الصعوبة بمكان تحقيق اي تقدم في هذا المجال, وفي نوفمبر 1992 طلبت الجمعية من اللجنة مجددا تقديم مشروع نظام اساسي للمحكمة, وبالفعل خرج المشروع الى النور, وقررت الجمعية العامة, انشاء لجنة تحضيرية دولية, تضع نص اتفاقية دولية لانشاء المحكمة, كأساس لاتفاقية دولية يتم نظرها بواسطة المفوضين الدبلوماسيين لاقرارها, وخلال الثلاث سنوات الماضية اجتمعت اللجنة, اربع مرات, حيث ناقش مسئولو الحكومات والمنظمات ذات الصلة, عملية اعداد مسودة النظام الاساسي للمحكمة التي تنقسم الى 13 بابا وتتكون من 116 مادة تغطي عدة موضوعات منها حصر وتعريف جرائم هذه المحكمة, والمبادىء العامة للقانون الجنائي والية تحريك الدعوى, والمسائل الاجرائية والتعاون الدولي والمساعدة القضائية, والعقوبات وتكوين ادارة المحكمة وتحديد علاقتها بالامم المتحدة, وبالفعل قامت هذه اللجنة بتقديم مسودة النظام الاساسي للمحكمة الى اجتماع روما في مارس الماضي, حيث تم قراءة القواعد الاجرائية, واركان جرائم الحرب والابادة الجماعية. النظام الاساسي للمحكمة وحول اهم ملامح النظام الاساسي للمحكمة قال المستشار العوضي: لقد قام اعضاء اللجنة بمشاركة الوفد الاماراتي, ببحث ذلك النظام واتفقوا على عدة مبادىء تشكل في مجموعها اهم ملامح عمل هذه المحكمة, اما المبدأ الاول فهو ان غالبية الدول وافقت على منح رئيس المحكمة او المدعي العام بها, الحق في طلب محاكمة مواطني اية دولة, وكانت بعض الدول ترغب في ان يحاكم مواطنوها امام هذه المحكمة, اذا طلبت هذه الدول ذلك او على الاقل بعد موافقتها, كما اتفق الاعضاء على بدء المحكمة في التحقيق الفوري مع الافراد وليس الدول, عندما يحيل مجلس الامن الموضوع الى المحكمة, وعندما تقوم الدولة بتقديم شكوى للمحكمة ضد افراد بعينهم بدول اخرى, والمبدأ الثاني اتفق فيه الاعضاء على ان هذه المحكمة ليست اعلى من الدول, فقراراتها ليست ملزمة لها, وانما هي مكملة للمحاكم الوطنية في تلك الدول, مما يعني ان للدولة الحق في محاكمة مواطنيها وهذا هو الاصل بالاختصاص, الا انه في حالة انهيار الدولة يكون من حق المحكمة الجنائية الدولي ان تحاكم مواطني هذه الدولة بل ورئيسها ايضا, اما المبدأ الثالث فهو وجوب ان تتعاون كافة الدول مع المحكمة في التحقيقات وفي عمليات تسليم المجرمين, اذ ان اي خلل في ذلك يعرض الدول المخالفة وغير المتعاونة الى عقوبات رادعة تقررها الامم المتحدة. جريمة العدوان وقال العوضي: اما المبدأ الرابع, فهو ادراج جريمة العدوان على الدول والافراد كأحد الجرائم التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة, ووافق الاعضاء على ذلك بعد ان استطاعت الدول العربية بمساندة دول عدم الانحياز اجبار الدول الغربية على الموافقة, حيث هددت الدول الغربية ودول عدم الانحياز بالانسحاب من الاجتماعات وعدم المشاركة في اعمال المحكمة نهائيا, وبالفعل كان موقفا مشرفا من جانبنا اذ لعبنا فيه دورا قياديا جمع كافة هذه الدول على قلب رجل واحد, وهو دور استلهمناه من القيادة الحكيمة والواعية لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, رئيس الدولة حفظه الله. دور اماراتي قيادي وفيما يتعلق بمدى استمرارية هذا الدور الاماراتي قال المستشار العوضي: بالفعل استمر دورنا هذا في لجنة الخبراء العرب التي انشأها مجلس وزراء العدل العرب, اذ قمنا بدور كبير من اجل تنسيق الجهود العربية بما فيها الخليجية لتوحيد المواقف والاراء امام الدول الاخرى التي تحاول ان تضع مصالحها فوق مصالحنا ومصالح العالم اجمع, ومن ذلك محاولة دولة غربية استثناء فئة خاصة من الناس (الجواسيس) الذين يرتكبون جرائم تعاقب عليها هذه المحكمة, بدعوى انهم مكلفون بمهام امنية معينة من دولهم او من مجلس الامن!! وهذا مثال على محاولات دول اخرى مماثلة لخدمة مصالحها وتبرير مواقفها, الا اننا نقف لهم بالمرصاد, كما اننا نشارك الاخوة العرب في اجتماعات لجنة الخبراء التي تعقد بالقاهرة قبل كل اجتماع تحضيري حيث نتدارس الموضوعات التي سيناقشها الاجتماع ونتفق على موقف موحد, وهذا هو ما فعلناه مؤخرا وقبل هذا الاجتماع, حيث اتفقنا على اركان الجرائم التي تشكل تهديدا للانسانية ووضعنا تعريفا دقيقا للمجني عليه والضحايا وهي من الموضوعات التي سيناقشها اجتماع اليوم بنيويورك, ذلك بخلاف ترؤس دولة الامارات العربية المتحدة لكثير من لجان العمل الدولية التي تعمل في اطار اللجنة التحضيرية لانشاء المحكمة الجنائية الدولية, وعموما فاننا من الدول النشطة التي تعد ضمن اصابع اليد الواحدة ودورنا ريادي وقيادي واع يعمل في اطار سياسة صاحب السمو رئيس الدولة الهادفة إلى تقريب وجهات النظر وتوحيد الصف العربي خاصة واننا نترأس لجنة الخبراء العربية. دور رائد لشرطة دبي واشاد رئيس الوفد الاماراتي في اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية باعضاء الوفد ودورهم في تفعيل دور الدولة وبخاصة دور شرطة دبي, التي يحرص قائدها اللواء ضاحي خلفان تميم على المشاركة في الوفد بكفاءات وخبرات واعية, تمثل شرطة دبي خير تمثيل وتعكس مدى حرص حكومة دبي على التمثيل المشرف والمثمر للدولة في كافة الاجتماعات والمحافل الدولية, مشيرا الى ان الاهتمام الشخصي من قائد عام شرطة دبي, وحرصه على معرفة دور الوفد الاماراتي في الاجتماعات وتزويده الوفد في كل اجتماع بممثلين جدد يثرون نواحي العمل الاماراتي على المستوى الدولي. مطلوب توقيع 50 دولة وحول الموعد النهائي لتنفيذ مشروع المحكمة الجنائية الدولية, قال المستشار عبد الرحيم يوسف العوضي بان التصديق على النظام الاساسي للمحكمة, يجب ان يكون من قبل نحو ستين دولة من دول الأمم المتحدة, وحتى الان لم تصدق على النظام الاساسي سوى عشر دول فقط, رغم ان الدول التي وقعت على المسودة تبلغ 96 دولة, مما يعني وجوب ان توقع 50 دولة اخرى على الاقل, في موعد أقصاه نهاية ديسمبر المقبل, وليس امام هذه الدول الا المصادقة والانضمام الى الاتفاقية حتى لا تتعرض لعقوبات دولية تفرضها عليها الامم المتحدة. علاقة المحكمة بالأمم المتحدة وعن علاقة المحكمة بالأمم المتحدة قال المستشار العوضي: هناك اتفاق عام على اهمية وجود علاقة وثيقة بين المحكمة والامم المتحدة, وخلال نقاش الدول, كان هناك شعور بأن مثل هذه العلاقات ستعزز من فاعلية المحكمة وتؤكد على شخصيتها الدولية وسلطتها المعنوية, وقد تمت دراسة عدة وسائل ممكنه لتأسيس المحكمة يمكن ان تؤثر على علاقة المحكمة بالامم المتحدة, وتتمثل هذه الوسائل في ان تنشأ المحكمة كجهاز رئيسي من اجهزة الامم المتحدة الامر الذي يتطلب تعديلا في دستور الاخيرة, او ان تنشأ المحكمة كهيئة فرعية للامم المتحدة, او ان تكون منظمة دولية مستقلة تدخل في اتفاقية مع الامم المتحدة, ولقد تغلب الخيار الاخير وستناقش المحكمة والامم المتحدة ذلك فيما بعد. واوضح المستشار العوضي ان الدول لم تتفق على مدى اختصاص هذه المحكمة, بالنظر في جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات والمواد الضارة بالعقل والارهاب والجرائم التي ترتكب ضد الامم المتحدة والموظفين التابعين لها, بينما اتفقت الدول على ضرورة معاقبة الشخص المجرم دون اي تمييز ما بين الشخص العادي ورئيس الدولة, ودون اي داع لتخفيف العقوبة او نفي المسئولية الجنائية التي يعفى منها المريض عقليا والسكران لدرجة يفقد معها قدرته على الادراك والتقدير. وقال رئيس الوفد الاماراتي المشارك في اعمال اجتماع اللجنة التحضيرية لانشاء المحكمة الجنائية الدولية ان النظام الاساسي الذي تنفرد (البيان) بنشره يحدد قضاة هذه المحكمة وفق صفات اتفق عليها ممثلو الدول, ومنها الشخصية الاخلاقية العالية والحيادية والخبرة الفورية في التعاون الجنائي والدولي, اما اختيارهم فيكون وفق المادة 37 من مشروع النظام الاساسي للمحكمة, التي تنص على ان يتم اختيار القضاة عن طريق الاقتراع السري, ولا يجب ان يكون اثنان من القضاة من دولة واحدة, ولا يجب ان يكون قضاة هذه المحكمة مرتبطين باي عمل مهني اخر من اي نوع, حتى لا يؤثر ذلك على استقلاليتهم واخلاصهم في العمل. العقوبات وحول العقوبات التي تناولها المشروع قال المستشار عبد الرحيم العوضي: تم تقديم العديد من الاقتراحات في هذا الشأن ولا تزال هذه المقترحات قيد المناقشة, وطبقا للمادة 75 من مشروع النظام الاساسي يمكن للمحكمة فرض عقوبات تتراوح ما بين السجن المؤبد والسجن لعدة سنوات, والإعدام, والتجريد من المنصب العام, ومصادرة الممتلكات والعائدات والاصول المتحصل عليها عن طريق السلوك الاجرامي, ذلك بالاضافة الى الغرامات المالية, اما العقوبات المقرر تطبيقها على الشخصيات الاعتبارية كالمؤسسات فقد حددتها المادة 67 في الغرامة التصنعية, منع وايقاف ممارسة النشاط لمدة تقررها المحكمة, مصادرة العائدات والممتلكات والاصول المتحصل عليها نتيجة النشاط الاجرامي, ويمكن طبقا لنظام هذه المحكمة استئناف احكامها, وتعويض من يعاقب بالخطأ بطرق لم تحدد بعد. واختتم المستشار عبد الرحيم يوسف العوضي, المحامي العام بوزارة العدل والشئون الاسلامية والاوقاف, تصريحه لـ (البيان) قائلا بان النظام الاساسي لمحكمة الجنايات الدولية حدد كذلك كيفية التعاون الدولي وتنفيذ الاحكام, وتمويل المحكمة حيث ذهب البعض الى ضرورة ان يكون ذلك التمويل من ميزانية الامم المتحدة, ومن اشتراكات الدول الاعضاء والمساهمات التطوعية المقدمة للمحكمة من الحكومات والمنظمات والمؤسسات والافراد. أبوظبي ـ عادل عرفة

Email