بعد التحية، د.عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل حان الوقت للتحدث عن العدالة الادارية المفقودة في معظم مؤسسات الدولة الاتحادية والمحلية, واذا اردنا ان نستدل على هذا الفاقد من أين لنا ذلك ؟ نستطيع ان نعتبر المشكلات اليومية التي تمر عبر صحفنا المحلية سواء على شكل قضايا يمكن تسميتها في هذه المرحلة بالساخنة نسبيا, او ما يمر من خلال بريد القراء عبر الشكاوى الصادرة من قلوب حرى لاتملك من الوسائل ما يعينها على الوصول الى ماتريد وفق المتاح ولكن لاسباب خارجة عن الارادة الادارية سدت الطرق واغلقت الابواب الانسيابية فلم يبق منها غير ترداد الشكاوى وضدها. اما ما لم يتم التطرق اليه من قضايا تمس كافة الموظفين العاملين بالدولة فهو اكثر مما ينشر بعيدا عن مقارنات العدد او حتى المضمون. واضرب امثلة حية مما نشر ونسي وما لم ينشر ولكن احاديث المجالس العامة هي التي تعززها, وهي في الغالب لاتصل الى العلانية في النشر عبر القنوات الاعلامية في المجتمع. عندما نسمع مثلا بأن مجموعة كبيرة من الموظفين في وزارة ما لم يرقوا منذ ربع قرن واخرين حصلوا على ترقية يتيمة بعد ربع قرن بم تفسر هذه الظاهرة الادارية في سلم العدالة الادارية لكل موظف على حدة؟. وضد هذا الوضع عندما ترقى مجموعة كبيرة اخرى من الموظفين وفي نفس المؤسسة وفي غضون ربع قرن في كل حملة للترقيات سواء كانت مرة واحدة او اكثر مع عدم وجود فوارق ادارية كبيرة او واضحة بين المجموعة الاولى والثانية. والامر الادق ايضا يلاحظ من خلال وجود عدد كبير من الموظفين في درجات عليا في السلم الوظيفي دون المرور بفترة زمنية من الخبرة الميدانية وذلك منذ اليوم الاول من التخرج وليس اليوم الثاني وبقاء هذه المجموعة الثالثة على رأس عملها لربع قرن او اكثر, فما هي المبررات الادارية المقنعة بأن هذا الموظف لديه المقدرة على العطاء المتجدد وبدون كلل بحيث يصعب على الاخرين واصحاب الدماء الجديدة الولوج الى هذه المنطقة وكأنها خطر احمر لايجوز الاقتراب منه. مع انه من العدالة الادارية ايضا في هذا الاطار ان يترقى هؤلاء الى درجات اعلى وميزات افضل بعد هذه الفترة من العمل في مجال واحد, واحلال اخرين لاستكمال الرسالة المنوطة في هذا المجال وذلك اعترافا بفضل الاقدمين وتواضعها منهم لتسليم راية العمل الى العناصر الادارية الجديدة والتي تملك كل متطلبات العصر الجديد. دائما يتطرق الى الاذهان الحديث عن الدماء الجديدة واهميتها للمرحلة المقبلة الا ان الذي يجري في الواقع في الغالب هو تكريس واضح ومبطن للدماء القديمة ثم السماح لها بالتحكم بكل الدماء الجديدة التي تدخل تحت امرة القديم لتحويل مسارها الى الماضي الذي يحن اليه دائما الاداري القديم او المعتق. فالامر هنا لايخلو من الغرابة عندما تعطى دفة القيادة للقرن المقبل الذي بدأ الحديث عنه بطرب الاذان الحساسة الى من يكره الدخول الى هذا القرن الجديد بوسائله المعتمدة والمتجددة ايضا على مدار العام الواحد. كيف يمكن لنا القبول بالجمع بين هذين النقيضين بين المؤسسات التي تعتبر الدماء الجديدة طريقة جديدة لسحب البساط ممكن ان مر عليه الدهر ولم يترك عليه الا آثار الماضي مع انه شاهد على العصر الذي فتح عينيه عليه ثم فوجىء بأن هناك غزوا اداريا جديدا بدأ يفرض نفسه بقوة العقل وليس بعلو الصوت وسلاح الصلاحيات غير المراقبة وان كانت اقرب الى التهديد منه الى الاعتراف بأن الزمن قد تغير كثيرا, ولكن الذي لم يتغير هو ذلك الذي مازال يحلم بالماضي على حساب الحاضر والمستقبل.

Email