بعد التحية:بقلم- د.عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بذلت وزارة التربية والتعليم والشباب من خلال قنواتها المتمثلة بإدارة محو الأمية وتعليم الكبار جهودا جبارة للسعي نحو التخلص من الأمية على خارطة مجتمع الامارات , وقد خصصت لذلك الامر المهم لجنة الحملة الشاملة للتحرر من الأمية بحلول العام 2000 ولم يبق بينها وبينه الا شهور عدة ولا نعلم ان كانت الوزارة مازالت ماضية في هذا المشروع الحيوي والهام ام ان تخفيض ميزانية التربية وبنسبة 5% بناء على طلب وزارة المالية سوف يؤخر او يؤجل محو الأمية او غيرها من المشاريع التي تنتظر الموارد المالية الكافية للمضي بها. يبدو من خلال المتابعة الميدانية للمراكز المنتشرة بالدولة وماينشر عنها بين فترة واخرى عن اغلاق بعضها وآخرها كان في الايام القليلة الماضية بسبب عدم التزام الدارسين بالمواظبة عليها وهذا يعني بالتالي عدم وجود النصاب الكافي لاستمرار اي مركز في اداء دوره المطلوب. هذا النوع من الاغلاق بين فترة واخرى يعطي انطباعا ودلالة على وجود مشكلة العودة الى الأمية لفئة ليست قليلة من افراد المجتمع وغالبا يكون لسبب ارتباط هؤلاء بالتزامات اخرى تتعلق بأعمالهم بالذات من قبل بعض الموظفين العاملين ببعض القطاعات المهمة او غيرها من المؤسسات التي تلزم هؤلاء بحضور دورات مكثفة ولمدة طويلة في نفس فترات الدوام الدراسي لهؤلاء وهذا ليس السبب الوحيد ولكن المطلوب هو بحث الاسباب بجدية اكبر في الوقت الذي يبحث المجتمع الدولي ويفكر في كيفية محو أمية الحاسب الآلي لافراده وليس امية القراءة والكتابة او فك الحرف. ولقد صرح احد الوزراء الذين مروا على الوزارة في حينه عند سؤاله عن خطة لحل مشكلة الأمية بالدولة قائلا فيما معناه لو قيل لي بأن في اقصى حدود الدولة اميا واحدا لفتحت له مركزا ولا ابالي حتى تنتهي اميته مهما كلفنا من مال لان تعليمه اوفر من بقائه جاهلا لان جهله يكلف الدولة اكثرمن مصاريف التعليم. هذا الشعار طبعا ذاب الان تماما ويبدو انه كان فيه شيء من المثالية والنرجسية التي حدته موجة التقشف التي ضربت ارجاء الدولة في منتصف الثمانينات ولقد تغيرت مجريات الامور منذ ذلك الوقت والى الان مرات ومرات في كثير من توجهاتها وخططها التي لم تستقر بعد. فاذا علمنا بأن النسبة الباقية من الأمية بالدولة ضئيلة جدا مقارنة بالمجتمعات العربية الاخرى وهي الان لاتتجاوز 15% في المائة فيفترض ان هم ازالتها اقل من المرحلة السابقة. وان الانتهاء منها نهائيا لن يأخذ من وقت التربية والتعليم الشيء الكثير اذا ما ارادت فعلا التخلص من هذه الآفة. نعيد ونكرر هذا الحديث مرات ومرات لان الامم المتقدمة كذلك تفكر بهذا المنطق العملي لانها مازالت تسعى الى التخلص من الأمية اللاصقة بافراد قلة من شعبها وهذا ما لفت نظرنا اخيرا عندما قامت فرنسا هذه الايام بحملة يشترك فيها نجوم الثقافة والرياضة للقضاء على الأمية في أراضيها. وفرنسا مثل كثير من الدول الصناعية الكبرى يوجد بها اعداد ضخمة من الشباب في سن المراهقة يعانون من عدم القراءة والكتابة اذ يوجد في فرنسا نحو 2.3 مليون شاب يعاني من الأمية. وقد شارك في الحملة 26 شخصية على حسب حروف الابجدية في عالم الثقافة والفن والرياضة, هذا في فرنسا, فماذا قدمت الشخصيات من هذا العالم عندنا لهذه المشكلة في حلها ان لم تساعد في زيادة ضغطها على المجتمع. فالأمية الباقية بحاجة الى مشاركة كل فعاليات المجتمع اذا اردنا فعلا التخلص من تأثيرها الضار على مسيرة التطور والتقدم ويكفي لذلك انها احدى العقبات الكبرى التي يجب ان تزول اليوم او غدا بلا جدال.

Email