ردع المتلاعبين بالأسهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

سوق الأسهم ليس مدينة فاضلة، والمستثمرون ليسوا مجتمعاً من الملائكة، ولهذا وُجدت المؤسسات الرقابية وأنظمة مراقبة التعاملات إلكترونياً لضبط ومكافحة ألاعيب بعض الذين يحترفون خرق القوانين طمعاً في تحقيق أرباح غير مستحقة.

وعلى مدى سنوات طويلة، كانت المؤسسات الرقابية تضبط هؤلاء المتلاعبين، وتنزل بهم العقوبات المحددة وفقاً للقانون، ولكن من دون إعلان أسمائهم للرأي العام، إلا في حالات نادرة.

والآن، وبعدما حددت هيئة الأوراق المالية والسلع ضوابط نشر أسماء المخالفين لقانونها وأنظمتها على موقعها الإلكتروني، سيتغير هذا الأمر، وسيتحول الكشف عن أسماء المتلاعبين للعامة إلى رادع جديد، ربما يجعل محترفي التلاعب يفكرون أكثر من مرة في الإقدام على أي فعل يجرمه القانون.

في تقريرها السنوي لعام 2015، كشفت الهيئة أن هناك 32 مخالفاً للقانون تلاعبوا بأسواق الأسهم، منهم 20 من المطلعين الذين استغلوا مناصبهم في شركات مدرجة واستفادوا من معلومات داخلية في تداولات محظورة، ومنهم 9 متلاعبين أجروا عمليات تلاعب وهمية للتأثير في أسعار الأسهم صعوداً وهبوطاً، ومنهم أيضاً وسطاء ومستشارون ماليون أجروا 3 عمليات تداول استباقية، إذ اشتروا لأنفسهم أسهماً أو باعوها قبل تنفيذ أوامر عملائهم الكبار، أو قبل إصدارهم توصيات موثقة بالبيع أو الشراء.

والمخالفون هؤلاء جرى توقيع عقوبات عليهم حسب القانون، ولكن أسماءهم لم تُنشر، ولم يعرف مجتمع الأسواق بفعلتهم، لأن القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2000 في شأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع، وقرار مجلس الوزراء رقم 13 لسنة 2000 في شأن نظام عمل الهيئة، لم ينصّا صراحة على نشر أسماء المخالفين، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو معنويين (شركات)، ولكنه لم ينص أيضاً على عدم الإفصاح عن هوية هؤلاء المتلاعبين، ولهذا حددت «الهيئة»، الأسبوع الماضي، ضوابط النشر التي جاءت متوازنة وتصب في اتجاه تعزيز حوكمة الأسواق وشفافيتها.

إن لجوء «الهيئة»، في ظل قرار من مجلس إدارتها، إلى التعامل مع النص القانوني الحالي بنشر أسماء المتلاعبين بدلاً من الانتظار إلى حين إجراء تعديل تشريعي ينص صراحة على ذلك، يكشف حرصاً من جانب المسؤولين على اتخاذ كل التدابير اللازمة للجم التلاعب بالأسواق، علماً بأن كشف المخالفين في أسواق المال ليس بدعة، ولكنه إجراء معمول به في أغلب بورصات العالم، وفي دول مجاورة عدة، والغرض منه ليس التشهير بالمخالفين في حد ذاته، ولكنه يرمي إلى زيادة الشفافية وتعزيز الحوكمة.

والتجربة أثبتت أنه كلما زادت شفافية الأسواق المالية زادت متانتها في وجه الأزمات، وتعززت ثقة المستثمرين فيها، وأصبحت أكثر قدرة على جذب السيولة.

Email