روح الاتحاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لم تمر محاضرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن روح الاتحاد إلى النخب المثقفة وشباب الجامعات مرور الكرام، فهي وثيقة تاريخية تحمل في طياتها الغزير من الفهم والكثير من المخزون المعرفي الذي كان سموه شاهد عيان عليه، فقد ارتأى الشيخ محمد بأسلوبه الدافئ أن يكون المخاطب (بفتح الطاء) هم الشباب، محملاً إياهم أمانة الإصغاء والإدراك والتواصل.

في تلك المحاضرة فتح سموه خزانة الأحداث التي كان عليها شاهداً، راصداً، أميناً، فتناثرت كلماته شعراً ونثراً وسياسة، فأعطى من خزينة عميقة ما يصحح ذاك السرد الذي تموج به الكتب التاريخية اليوم، كما نسب الحق لأصحاب الحق، فأشار إلى دور زايد الخير وراشد العطاء، غفر الله لهما وأسكنهما جناته، فلولاهما ما قام الاتحاد ولولاهما ما كانت دولة الإمارات دولة عصرية يشار لها بالبنان..

حملت المحاضرة لغة السرد الجميل بانعطافاتها على السنوات الماضية واستكمالها لكثير من المحطات الحاضرة بلغة شفيفة راقية صريحة، وعلى مدى ساعتين كاملتين قبض سموه بحنكة فارس خيال على زمام المحاضرة، مسدياً النصح والتوجيه إلى الشباب الحاضر، مخاطباً عقولهم، مبشراً إياهم برسالة الغد التي يجب عليهم استكمالها بما يملكون من إصرار وعزيمة متوارثة، حتمتها بصمتهم الوراثية التي خلفها الأجداد والآباء المؤسسون.

محاضرة سموه أضاءت صفحات تاريخية لم يتنبه لها الكثيرون، ولم يدرك سرها إلا من كان شاهداً عليها ومشاركاً في صنعها، فحفلت بأسرار خفية، أراد سموه إيصالها لجيل الشباب ويعرفهم حول الكيفية التي قامت عليها الدولة في زمن لم تتوافر فيه سبل العيش الرغيد والحياة الهانئة التي نعيشها ونحياها جميعنا اليوم، وقدرة وعزيمة المؤسسين وإيمانهم العميق بالوحدة بعيداً عن الشعارات الجوفاء..

لم تأت محاضرة سموه خطاباً سياسياً مثقلاً بالشعارات كعادة الساسة الذين أصبحت خطبهم لا تمت لحاضرنا بصلة، بل حديثاً صادقاً، يشحذ العقول والقلوب ويقبض على جمرة الإصرار بالمعرفة.. إنها روح الاتحاد التي تنساب في القلوب والعقول المؤمنة بالقدرة على التغيير.

Email