إكسبو العالم من لندن 1851 إلى دبي 2020

إكسبو لويز يانا 1904

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضافت سانت لويس عام 1904 إكسبو عالمياً كبيراً من أجل الاحتفال بالذكرى المئوية لشراء ولاية لويزيانا، وهي صفقة أبرمتها الولايات المتحدة مع فرنسا عام 1803 لشراء لويزيانا الفرنسية والتي تبلغ مساحتها 2,140,000 كم2 مقابل 60 مليون فرنك فرنسي (11 مليون دولار تقريباً) والتنازل عن 18 مليون فرنك فرنسي من الديون.

ويبدو أن فكرة الحدث قد ظهرت في وقت مبكر في 1898 مع تقديم كانساس سيتي وسانت لويس في البداية كمضيفين محتملين لهذا الإكسبو، الذي يعتبر محرّكًا لتحفيز الطاقة والمشاريع وإثارة ذكاء الناس وولعها بالابتكارات ومُترجم عبقرية الإنسان، بناءً على موقعهما المركزيين.

وكان الحدث استغرق وقتاً طويلاً في إعداده وتجهيزه، مع نفقات وصلت قيمتها إلى 5 ملايين دولار تعهدت به مدينة سانت لويس من خلال بيع سندات المدينة بموجب ترخيص مجلس ولاية ميسوري في أبريل 1899.

وتم جمع مبلغ إضافي قدره 5 ملايين دولار من خلال تبرعات خاصة من قبل المواطنين المهتمين والشركات من جميع أنحاء الولاية.

محرّك الطاقة والمشاريع ومترجم عبقرية الإنسان

وصلت القيمة السوقية لإكسبو لويزيانا نحو 15 مليون دولار في صورة أموال مخصصة من مشروع قانون الكونغرس الذي تم إقراره في نهاية مايو 1900. وكان رئيس الولايات المتحدة وليام ماكينلي قد دعم هذه التبرعات الذي فاز به المنظمون في زيارة قام بها البيت الأبيض في فبراير 1899.

وعلى الرغم من أنه تم اعتباره في البداية احتفالاً بالذكرى المئوية الذي سيعقد في عام 1903، استمر إكسبو من 30 أبريل حتى 1 ديسمبر 1904. خلال عام الإكسبو حل محل إكسبو لويزيانا إكسبو سانت لويس الزراعي والتجاري والعلمي الذي أقيم في المدينة منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر.

ويقع موقع إكسبو الذي تبلغ مساحته 1200 فدان (4.9 كم 2) والذي صممه جورج كيسلر، في أراضي فورست بارك الحالية في حرم جامعة واشنطن، وكان أكبر إكسبو في المنطقة حتى تاريخه. وقد تضمن أكثر من 1500 مبنى، متصلة بحوالي 121 كم من الطرق والممرات. وقد حضره نحو 19 مليون زائر، وبمشاركة 62 دولة.

تصميم
جورج كيسلر، الذي صمم العديد من الحدائق الحضرية في تكساس والغرب الأوسط، ابتكر التصميم الرئيسي للإكسبو، وله باع طويل في هذا المجال إذا كان في العشرين من عمره، يعمل كبستاني في سنترال بارك.

وفي عام 1901، اختارت شركة لويزيانا للإكسبو المهندس المعماري البارز في سانت لويس، إسحاق س. تايلور، رئيساً للجنة المعمارية ومدير أعمال الإكسبو، وأشرف على التصميم والبناء الشاملين. وقام بتصميم المباني المهمة مستوحياً من الحدائق الحضرية: قصر الزراعة، وبما فيها من الشلالات والأروقة، وقصر الغابات بما فيها من الأسماك والألعاب، وقصر البساتين.

وحاز الإكسبو على اهتمام كبير من قبل رئيس بلدية سانت لويس رولا ويلز، ورئيس الأساقفة جون جلينون، ومفوض الفاتيكان سيغنور كوكيتي، وشخصيات أخرى.

وكان العديد من الاختراعات المعروضة في إكسبو لويزيانا بمثابة تمهيد لصناعة السلع التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة اليوم، حيث تم عرض التطبيقات الجديدة في مجال الكهرباء والموجات الضوئية في مجالي الاتصال والاستخدام الطبي. وشكّل الإكسبو ثورة في وسائل النقل في العصر الحديث، وكذلك في مجال الهاتف اللاسلكي، ونقل الموسيقى أو الرسائل المنطوقة من جهاز داخل قصر الكهرباء إلى جهاز استقبال هاتفي في الفناء. كما سمح جهاز الاستقبال الذي يُوضع على الأذن بسماع الإرسال.

ابتكارات
وابتدع آنذاك ألكساندر جراهام بيل الراديوفون، وتحويل جهاز الإرسال من الموجات الصوتية إلى الموجات الضوئية. ومن ثم تطورت هذه التكنولوجيا إلى الراديو والهواتف المحمولة المبكرة، إضافة إلى جهاز الفاكس المبكّر الذي اخترعه العالم الأمريكي إليشا غراي الذي ظهر في آلة الفاكس الحديثة في عام 1888 الذي شكك في اختراع ألكسندر غراهام بيل للهاتف.

وكان جهاز التلغراف، وهو جهاز اتصالات استخدم في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لإرسال البرقيات والنصوص يعتمد على ترميز الحروف بنبضات كهربائية ويرسلها عبر الأسلاك إلى آخر يطبع تلك النبضات. وكانت الرسالة الصادرة تسمى في البلدان العربية البَرْقِيَّة. وفي عام 1900، قام مساعد غراي، فوستر ريتشي، بتحسين التصميم الأصلي، حيث تم عرضه وتسويقه في هذا الإكسبو على مدار الثلاثين عاماً التالية.

ترام كهربائي
وتم عرض الترام الكهربائي على الرغم من أن السكك الحديدية في الشوارع كانت قيد الاستخدام في الولايات المتحدة منذ أوائل القرن التاسع عشر، إلا أن العربات الكهربائية أي التراموي كانت لا تزال جديدة في وقت إكسبو لويزيانا. كما تم عرض سيارة كهربائية تعمل في الشارع وتقطع 1400 قدم في سرعتها. ولا تزال شبكات التراموي تستخدم في العديد من المدن إلى الوقت الحاضر.

حضور عالمي كبير
شهد إكسبو لويزيانا حضوراً كبيراً من كل دول العالم الذين حضروا لمشاهدة كل ما هو جديد من ابتكارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا، بل وحتى في مجال الفن والموسيقى. فقد ظهرت موسيقى «الراغتايم» في إكسبو لويزيانا التي تعتبر أول موسيقى أمريكية بالكامل، وكانت شعبية في أواخر القرن التاسع عشر. وفي العقدين الأولين من القرن العشرين، تقريباً من عام 1893 إلى عام 1917.

إنها أسلوب الموسيقى التي سبقت موسيقى الجاز، وبالتالي فهي مثالية للرقص. وتطورت هذه الموسيقى في المجتمعات الأمريكية الأفريقية في جميع أنحاء الأجزاء الجنوبية من الغرب الأوسط، وخاصة سانت لويس.

واستضاف إكسبو لويزيانا الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1904، وهي تقام لأول مرة في الولايات المتحدة، وتحوّلت مصارعة الثيران من الألعاب المهمة التي تزامنت مع الإكسبو في الوقت ذاته.

ومن الأطعمة التي تم اختراعها في هذا الإكسبو، والأكثر شعبية هو مخروط الآيس كريم الذي بيع لأول مرة خلال إكسبو، وكذلك الهامبرغر والهوت دوج (كلاهما من الأطعمة الأمريكية التقليدية) وزبدة الفول السوداني والشاي المثلج والحلوى القطنية أي حلوى غزل البنات أو لحية بابا المصنوعة من السكر المحروق بطريقة معينة ليتكون ما يشبه القطن ومن هنا جاءت التسمية الأجنبية الحلوى القطنية.

ومع ذلك، فمن الأرجح أن هذه المواد الغذائية قدمت لأول مرة إلى الجماهير في إكسبو، حيث عرضت أول قاعة أو ردهة الطعام يمكن للزوار تذوّق مجموعة متنوعة من الوجبات السريعة.

مجسمات للحيوانات

أصبحت مدينة سانت لويس مركزاً تجارياً وميناءً هاماً. وشهدت المدينة بناء جسر أصبح أحد معالم «سانت لويس» طوله 1627 قدماً، ويربط بين ميسوري وإلينوي. وكما هو الحال مع إكسبو كولومبيا في شيكاغو عام 1893، كانت جميع قصور الإكسبو الكلاسيكية الكبرى جديدة في لويزيانا.

ولإحياء ذكرى توماس جيفرسون الذي بدأ عملية شراء لويزيانا، أقيم أول نصب تذكاري للرئيس الثالث، وولد متحف ميسوري للتاريخ، الذي يعمل على تخزين سجلات الأرشيف والمحفوظات.

وبعد انتهاء الإكسبو، لم تتم إعادة العديد من الأجنحة الدولية المشاركة إلى بلادها الأصلية، بل تم توزيعها على المتاحف في الولايات المتحدة. وحصل متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أيوا على المعروضات الفلبينية.

ويعد تمثال فولكان اليوم سمة بارزة للمتنزه ومتحف فولكان في برمنغهام، ألاباما، هو النسخة الأصلية. وتميّز الإكسبو بوجود الحيوانات الطبيعية مثل نموذج الحوت الأزرق والهيكل العظمي للديناصورات.

وقد اهتم الأدباء والكتاب بإكسبو لويزيانا، حيث قام الشاعر الأمريكي الشهير ت. س. إليوت، الذي ولد ونشأ في سانت لويس بولاية ميسوري، بزيارة قرية إيغوروت التي عقدت في قسم الأجنحة الفلبينية في الإكسبو.

وبعد عدة أشهر من اختتام الإكسبو العالمي، نشر قصة قصيرة بعنوان «الرجل الذي كان الملك» في مجلة أكاديمية، مستوحاة من رقصات شعب إغوروت، وهم جزء من المجموعات العرقية المختلفة في جبال لوزون الشمالية بالفلبين، وجميعهم يحتفظون أو حافظوا حتى وقت قريب على تقاليدهم وأسلوب حياتهم.

اقرأ أيضاً:

إكسبو بروكسل 1897

 إكسبو فيينا 1873

إكسبو ملبورن 1880

حلم نابليون الثالث

برشلونة 1929.. ثورة تكنولوجية ومعمارية في إسبانيا

الآلات العملاقة دشنت عصر الثورة الصناعية

اختراعات ألهمت البشرية

100.000 اختراع في 169عاماً

Email