الدراما العربية تسلط الضوء على الصحة النفسية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تخلُ أروقة الدراما العربية من قضايا الصحة النفسية، حيث فتحت عبر عديد المسلسلات أوراقها، وسعت إلى مناقشة آثارها وإرهاصاتها عبر محاكاة بعض الأمراض، بدءاً من الاكتئاب النفسي، ومروراً بـأمراض «الفوبيا» على اختلافها، وليس انتهاءً بالاضطرابات النفسية، حيث جاءت هذه الأعمال بهدف التعريف بالأمراض النفسية واستكشاف آثارها وتأثيراتها على الشخص المصاب، كما لعبت بعض الأعمال دوراً مهماً في الدعوة للاهتمام بالصحة النفسية، إيماناً برأي الفيلسوف اليوناني أرسطو في الدراما، والذي يراها «محاكاة لفعل الإنسان»، لما تحمله هذه الأعمال بين ثناياها من ترجمة للمشاعر الإنسانية على اختلافها.

ترجمة المشاعر

ورغم تحفظ أطباء الصحة النفسية على الكثير من الأعمال الدرامية والفنية التي تتناول مجالهم، وكذلك طريقة تصويرها للطبيب النفسي، حيث ظهرت بعضها بصورة مغلوطة، إلا أن صناع الدراما العربية يجتهدون في ترجمة المشاعر الإنسانية، عبر أعمالهم المختلفة. وفي رمضان الماضي، بدت مجموعة من الأعمال الدرامية، مليئة بالشخصيات «المضطربة نفسياً»، كما في «حرب أهلية»، حيث أطلت فيه جميلة عوض بدور فتاة ثرية مدللة، ولكنها مضطربة نفسياً، ما نتج عن شعورها المترسخ داخلها بالرفض بعد أن تخلت عنها أمها، فيما جاء مسلسل «خلي بالك من زيزي» متخماً بجرعة مكثفة من الدراما والمشكلات الاجتماعية، والذي جعله قريباً من الواقع، لا سيما وأن بعض شخصياته ظهرت وهي تعاني من اضطرابات نفسية، حيث نجحت الفنانة نهى عابدين في لعب الشخصية التي تعاني من الخوف من الطيران و«المونوفوبيا»، أي الخوف من الوحدة أو الانفصال عن المقربين، بل وأحياناً قد يصاحب ذلك الشعور بعض الآلام الجسمانية، ومع التوغل في ماضيها وطفولتها تتكشف لها ولنا أسباب ذلك، وفي ذات العمل، جسدت الفنانة ريم عبد القادر شخصية المصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، وهو ما يصيب الكثير من الأطفال، وقد يظل مستمراً معهم حتى البلوغ. أما أعراضه فتتضمن ضعف الأداء الدراسي، وصعوبة التركيز، ونقص الثقة بالنفس، والسلوك الاندفاعي، وغيرها من المشكلات.

دور جميل

في المقابل، قدمت الفنانة منى زكي في مسلسل «لعبة نيوتن» دوراً جميلاً، كشفت فيه معاناتها من فوبيا الأماكن المغلقة، والفوبيا تجاه الكلاب، بجانب إصابتها بنوع من اضطراب القلق الذي تنتج عنه أحياناً نوبات هلع في ظل الخوف المستمر من المجهول والمستقبل، وهو ما يجعلها بالتبعية شخصية ضعيفة تميل إلى الاعتمادية، في حين لم يتجاهل صناع مسلسل «قصر النيل» الأمراض النفسية، ففيه يقع الفنان أحمد خالد صالح، أسير المرض النفسي، بسبب تخاذله وجبنه وضعف شخصيته، وهو ما تسبب في خسارته حب حياته، وأمام إصرار زوجته الجديدة على عدم إلحاقه بمصحة نفسية حرصاً منها على اسم العائلة ولضمان استمرارها في السيطرة عليه، يزداد اضطرابه العقلي والنفسي على حد سواء.

تصفيق النقاد

ملفات الدراما العربية، تكاد أن تكون ملأى بنماذج لشخصيات تعاني من الاضطرابات النفسية، والتي قدمها نجوم الفن العربي باقتدار، نالوا عنها تصفيق النقاد والجمهور على حد سواء، وعلى رأس هذه الأعمال يقف مسلسل «سقوط حر» الذي لعبت فيه الفنانة نيللي كريم دور البطولة، حيث استطاعت أن تجسد فيه شخصية المريضة النفسية، التي يتم إدخالها إلى مستشفى الأمراض العقلية، حيث تقابل هناك عدداً كبيراً من الشخصيات التي تعيش في المستشفى وتتعرف إلى حكاياتهم.

وهناك أيضاً مسلسل «حالة عشق» الذي لعبت بطولته الفنانة مي عز الدين، وتجسد فيه شخصية فتاة تعاني انفصاماً في الشخصية، في المقابل، سبق للفنانة غادة عبدالرازق أن لعبت دور المصابة بأمراض نفسية في مرات عديدة، كما في مسلسل «حكاية حياة» الذي لعبت فيه دور امرأة مريضة نفسية ونزيلة مصحة للعلاج النفسي، ومسلسل «الخانكة» الذي قدمت فيه دور أم تصاب بأمراض نفسية بسبب كوابيس تطاردها حول وفاة ابنها. الفنانة يسرا أبدعت في تجسيد الشخصيات التي تعاني من أمراض نفسية، كما في مسلسل «فوق مستوى الشبهات»، وفيه تقوم بدور «رحمة»، التي تفقد ابنها فتصاب بمرض نفسي، وتظهر للناس من حولها بشخصية طيبة، إلى أن يكتشفوا أنها مريضة نفسية.

قائمة الأعمال الدرامية العربية التي فتحت ملفات الأمراض النفسية تكاد أن تكون طويلة، حيث نجح الكثير من النجوم في ارتداء قناع «المريض النفسي» ومن بينهم الفنان الأردني منذر رياحنة، الذي استطاع في مسلسل «دقة قلب» للمخرجة رولا حجي، أن يؤدي بكل جدارة دور مريض نفسي، يقضي فترة في داخل مستشفى للأمراض العقلية، يخرج بعدها ليعيش قصة حب، ومر بعدد من الأحداث التي توضح أسباب إصابته بالمرض النفسي.

وعلى ذات الخط، سار الفنان السوري باسل خياط، الذي أبدع في تقديم دور مجرم محترف ومريض نفسي، في مسلسل «30 يوم»، وقد جدد هذا الأداء في مسلسل «الرحلة» الذي أثبت فيه خياط قدرته على التلون وتقمص الحالة، ليأخذ الجمهور معه في رحلة عميقة، حيث حبكة العمل صيغت بطريقة بوليسية، حول مجموعة أشخاص شاءت الأقدار أن يلتقوا على متن رحلة طائرة تحمل الرقم (710)، وجمعت الظروف بينهم في كونهم مرضى نفسيين، كل واحد منهم يكتم بداخله سراً ما ويجيد إخفاءه، ولكن تتلاقى خطوطهم وحكاياتهم في مصير واحد

على مدى ثماني حلقات فقط تمددت أحداث مسلسل «قيد مجهول» الذي يعد أولى تجارب المخرج سدير مسعود، وبطولة عبد المنعم عمايري، حيث نجح العمل في إحداث ضجة بين متابعيه الذين صفقوا له طويلاً، وتحديداً عمايري الذي تقمص بكل حرفية دور «سمير» المصاب بمرض «اضطراب الهوية التفارقي» أو (اضطراب الشخصية المتعددة)، وتمكن عمايري من التماهي مع هذه الشخصية وتجسيدها بطريقة مقنعه للغاية. ذلك التغلغل بالشخصية، كان كفيلاً بإصابة عمايري بالاكتئاب، وهو ما أجبره على اللجوء إلى طبيب نفسي، من أجل تشخيص حالته والعلاج من الاكتئاب، وبحسب تصريحات عمايري التي أدلى بها لوسائل الإعلام، فقد «تلقى تحذيراً من طبيبه مما يطلق عليه أمراض مهنة التمثيل».

عالمياً، لا يزال فيلم «جوكر» (Joker) للمخرج تود فيليبس، وبطولة الممثل خواكين فينيكس، واحداً من أعظم الأعمال التي انتجتها السينما العالمية، ورغم أن «حكاية جوكر خيالية»، إلا أن خواكين فينيكس قدم فيه أداءً استثنائياً، حيث لعب دور المهرج المضطرب نفسياً بحرفية عالية، لدرجة يتحول فيها «جوكر» إلى قاتل قادر على إثارة الفوضى في مدينة «غوثام» التي طالما تحولت إلى ساحة حرب بينه وبين باتمان. الفيلم لفت أنظار عشاق القصص المصورة والسينما، وأصاب صالات العرض بـ «حمى عالية»، ليصبح لاحقاً واحداً من أعلى الأفلام تحقيقاً للإيرادات على شباك التذاكر العالمي.

اقرأ أيضاً:

لماذا سياسات الصحة النفسية مهمة؟

علي الحرجان: الطب النفسي يعزز ثقة الرياضي

10 استراتيجيات لإدارة الصحة النفسية في مكان العمل

«جسر الحياة» في سيئول.. مبادرة لإنقاذ الحياة وتجاوز المحن النفسية

الإرشاد الأسري في الشارقة.. استشارات تعمق الأواصر

Email