أثبت 16 طالباً وطالبة من رواد الأعمال الصغار في إمارة رأس الخيمة أن الشغف والطموح لا يعترفان بالعمر، بعدما نجحوا في منافسة مدربي شركات كبرى متخصصة في مجالات صناعة العطور، والمشروبات، والوجبات، من خلال تقديم 20 منتجاً مبتكراً خلال مشاركتهم في معرض «الواعد الصغير»، الذي نظمته دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة.
وتأتي مشاركة الطلبة بعد خضوعهم لبرنامج تدريبي مكثف، صُمّم خصيصاً لصقل مهاراتهم في ريادة الأعمال، وتطوير المنتجات، والتسويق التجاري، حيث تمكّن كل مشارك من تحويل فكرته إلى مشروع فعلي قائم على أسس إنتاجية وتسويقية حقيقية، حيث تميزت المنتجات المعروضة بجودة تصنيع عالية، وتنوعت بين العطور المركبة يدوياً، والمشروبات الطبيعية، والوجبات الصحية والمبتكرة، ما جذب اهتمام الزوار وأثار إعجاب لجان التقييم والمتخصصين من الجهات المشاركة.
وأكد عبيد المزروعي وسلطان الشامسي، من جناح «جلو ميست» أن المعرض يمثل منصة فنية مصغرة تروي حكايات من المواد الحرفية، من خلال تقديم مجموعة من الهدايا المصنوعة يدوياً والمصممة على شكل حروف أسماء، إلى جانب قطع الأنتيكات الفنية الصغيرة التي تحمل طابعاً تراثياً ومعاصراً في آن واحد، وبعد دراسة السوق لاحظت أن الزبائن يميلون إلى الهدايا التي تحمل بصمة شخصية، مثل الحروف الأولى من أسمائهم أو أسماء أحبائهم، فصممت منتجات يدوية تجمع بين البساطة والتميّز، كما أضفنا لمسة من الأنتيكات الصغيرة التي تمنح القطع طابعاً خاصاً، والحمدلله، لاقت الفكرة نجاحاً كبيراً بين الزوار، وتم بيع معظم القطع خلال اليوم الأول من المعرض، وهذا شجعنا على التفكير في إطلاق متجر إلكتروني صغير للوصول إلى شريحة أكبر من العملاء المهتمين بهذا النوع من الهدايا.
وقالت رشاء عبدالله أحمد التميمي، المشاركة في مشروع «رازا كافية»: «لم أكن أتوقع أن فكرتي في تصميم مشروب صحي بطابع إماراتي ستلقى كل هذا الإعجاب، حيث تعلمت على أيدي الخبراء والمختصين في شركات التدريب خلال البرنامج كيف أوازن بين الجودة والطعم والتسويق، وهذا ما جعلني أفكر في تحويل المشروع إلى علامة تجارية حقيقية، وأشعر الآن أن لدي شيئاً يمكن أن يُنافس، ليس فقط على مستوى المعرض، بل في السوق الحقيقي خلال المرحلة المقبلة».
وأكدتا اسيل العتيبي وخولة مطر، من منصة «بلو اند باث»، أمام مجموعة من الشموع التي لا تشبه تلك المتوفرة في الأسواق، سواء في شكلها أو تركيبتها أو حتى الرسائل الصغيرة المرفقة بها، وأن مشاركتهما في البرنامج التدريبي أسهمت في فتح آفاق جديدة من التفكير الإبداعي، ليس فقط على مستوى التصميم، بل في اختيار الروائح وتنسيق الألوان بطريقة غير تقليدية، حيث تعلمنا كيف نحوّل الشموع من منتج تقليدي إلى تجربة حسية متكاملة، من خلال ابتكار روائح جديدة لم تُطرح من قبل، مؤكدتان أن الدعم الفني والتوجيه المهني الذي تلقتاه خلال فترة التدريب ساعدهما على التفكير بعقلية تسويقية، والنظر إلى المنتج كعلامة تجارية قابلة للتطور، وليس مجرد حرفة يدوية.
وأكد الطالبان المشاركان في البرنامج غيث الشحي ومحمد البناي أن آلية تقسيم الأجنحة ضمن المعرض، والتي اعتمدت على توزيع المشاركين في مجموعات صغيرة «شابين وفتاتين»، أسهمت في تعزيز روح الفريق وزيادة تنوع المنتجات المعروضة، وكل مشارك في المجموعة كان مسؤولاً عن تصميم منتج مختلف، وبعدها ندمج أفكارنا لتقديم جناح متكامل ومتناسق، هذا الأسلوب ساعدنا على التعلّم من بعضنا، واكتشاف مجالات جديدة لم نفكر بها سابقاً، مشيرين إلى أن عمليات التصنيع والتطوير والمتابعة تمت بإشراف مباشر من خبراء ومختصين من شركات كبرى، ما أضفى على التجربة طابعاً احترافياً حقيقياً، ومكنهم من تجاوز فكرة «النشاط الطلابي» إلى نموذج أولي لمشاريع تجارية قابلة للنمو في المستقبل.
وأوضحت عائشة عبيد العيان، مدير إدارة تطوير الأعمال في دائرة التنمية الاقتصادية برأس الخيمة، أن «الواعد الصغير» يضم أربعة أجنحة رئيسية يشارك فيها 16 طالباً وطالبة، يقدمون أكثر من 20 منتجاً متنوعاً، مؤكدة أن البرنامج لا يعد نشاطاً موسمياً عابراً، بل يمثل واحدة من المبادرات النوعية التي تنفذها الدائرة، بهدف اكتشاف المواهب التجارية المبكرة.
وأضافت: نوفر بيئة واقعية تحاكي السوق، تتضمن سلسلة من الورش التدريبية التي تتيح للطلبة اختبار قدراتهم الحقيقية في التسويق والإنتاج، حيث تعتزم الدائرة إشراك المشاريع الأربعة في مهرجان «لمسات وطنية» المقرر إقامته في ديسمبر المقبل، لدعم وتمكين الطلبة في إطار الاستدامة والتطوير المستمر لمخرجات البرنامج.
وشددت العيان، أن الدائرة تقدم دعماً مادياً محدداً للمشاركين ضمن إطار مدروس، مع عدم السماح لأولياء الأمور بالتدخل المادي، وذلك لضمان اعتماد الطلبة على قدراتهم الذاتية في إدارة الموارد وتحقيق التوازن بين التكلفة والعائد، بما يحاكي التجربة الواقعية لرواد الأعمال.

