قصة لاري إليسون تعتبر واحدة من أكثر الحكايات الملهمة في عالم التكنولوجيا والأعمال، بدأ حياته في ظروف صعبة، ونشأ في بيئة متواضعة في شيكاغو، لكنه اكتسب خبرة واسعة في البرمجة وقواعد البيانات، ليؤسس لاحقًا شركة أوراكل (Oracle Corporation) التي أصبحت إمبراطورية عالمية في مجال قواعد البيانات والحوسبة السحابية، بفضل رؤيته الثاقبة واستثماراته الذكية، توسع إليسون إلى الذكاء الاصطناعي، وحقق ثروة هائلة جعلته يتربع على قائمة أغنى رجال العالم، ليصبح نموذجاً فريداً يثبت أن التعليم الرسمي ليس شرطًا للنجاح الكبير.
هذا التحول في ثروة إليسون جاء عقب الإعلان الأخير لنتائج أوراكل المالية التي فاقت توقعات السوق، مما دفع سهم الشركة إلى ارتفاع حاد، وبفضل هذه الزيادة الكبيرة التي بلغت نحو 101 مليار دولار في يوم واحد، صارت ثروة إليسون تقدر بنحو 393 مليار دولار، متخطية ثروة ماسك البالغة تقريباً 385 ملياراً وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
لاري إليسون: من طفولة صعبة إلى أغنى رجل في العالم
وُلد لاري إليسون في 17 أغسطس 1944 في حي برونكس بمدينة نيويورك، ونشأ في البداية بعيداً عن والديه، حيث تم تسليمه في سن مبكرة إلى عمة والدته وزوجها في شيكاغو، ليكون زوج عمته هو والده بالتبني الذي رعاه وربّاه خلال طفولته.
نشأ إليسون في بيئة متواضعة، تعلم الاعتماد على نفسه منذ الصغر، مما ساهم في بناء شخصيته القوية والمستقلة.
بلا شهادة جامعية
التحق إليسون بجامعة إلينوي في أوربانا-شامبين، ثم انتقل إلى جامعة شيكاغو، لكنه لم يُكمل دراسته الجامعية. لم يمنعه هذا عن الدخول بقوة إلى عالم التكنولوجيا، بل بالعكس، جعله يركز على الممارسة العملية والتعلم الذاتي.
انتقل إلى كاليفورنيا وبدأ العمل في شركات مثل أمدال (Amdahl) وزيلوج (Zilog)، حيث اكتسب خبرة كبيرة في تطوير البرمجيات وإدارة قواعد البيانات، وبنى شبكة علاقات مهنية مهمة.
تأسيس شركة أوراكل
في عام 1977، أسس إليسون مع شريكيه بوب مينر وإدوارد أوجل شركة Software Development Laboratories، والتي أصبحت لاحقاً تعرف باسم شركة أوراكل (Oracle Corporation).
ركزت الشركة على تطوير أنظمة إدارة قواعد البيانات، وسرعان ما أصبحت أوراكل لاعباً عالمياً في صناعة التكنولوجيا، رغم أن مؤسسها لم يمتلك شهادة جامعية. هذا الإنجاز جعل إليسون نموذجاً نادراً في عالم الأعمال، شخص بلا تعليم رسمي عالٍ، لكنه قادر على قيادة إمبراطورية تكنولوجية عالمية.
النمو والتوسع في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
تحت قيادة إليسون، توسعت أوراكل لتصبح عملاقاً عالمياً في قواعد البيانات والحوسبة السحابية.
مع ظهور موجة الذكاء الاصطناعي، استثمرت الشركة بشكل كبير، ووقع عقداً مع شركات الذكاء الاصطناعي لتخزين ومعالجة البيانات. منذ إطلاق ChatGPT في نوفمبر 2022، ارتفع سهم أوراكل ثلاث مرات تقريباً.
إليسون أصبح العقل المدبر وراء مشروع Stargate، أكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، بالشراكة مع شركة OpenAI، وبدعم مباشر من الرئيس دونالد ترامب، بميزانية ضخمة بلغت 500 مليار دولار.
صافي الثروة والاستثمارات
بحلول سبتمبر 2025، أصبح إليسون أغنى شخص في العالم، بثروة صافية تبلغ حوالي 393 مليار دولار، متفوقاً على إيلون ماسك.
يمتلك إليسون حوالي 41% من أسهم أوراكل، كما ان له استثمارات في شركات مثل تسلا، وكان عضواً سابقاً في مجلس إدارتها، واستثمر في صفقة استحواذ إيلون ماسك على منصة تويتر (X سابقاً).
يمتلك أيضا جزيرة لاناي في هاواي، بمساحة 1410 كيلومترات مربعة، وطائرات ويخوت فاخرة، ما يعكس نمط حياته المترف، وفقا لمجلة "فوربس".
إليسون ليس مجرد رجل أعمال، بل محارب شرس في الإدارة والاستثمار، فهو يعرف في مجال الأعمال، بأسلوبه الهجومي، إذ نفذ استحواذات كبيرة مثل صفقة PeopleSoft، ولا يتردد في تغيير المدراء والموظفين الذين لا يحققون النتائج المرجوة.
النفوذ السياسي
إليسون له نفوذ سياسي كبير، مستمد من علاقاته مع الشخصيات الأمريكية البارزة.
كان داعماً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واستضاف فعاليات لجمع التبرعات وشارك في الاستراتيجيات الانتخابية، كما له حضور في برامج الحكومة المتعلقة بالحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
توضح حياة إليسون أن النجاح الكبير لا يعتمد بالضرورة على التعليم الرسمي، بل على الرؤية، العمل الجاد، واستثمار الفرص. من طفل في بيئة متواضعة، إلى قيادة إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، أصبح إليسون رمزاً للقوة، النفوذ، والابتكار في عصرنا الحديث.
