قدّمت مركبة كيوريوسيتي التابعة لناسا واحدة من أكثر الصور البانورامية تفصيلاً وجمالاً للمريخ حتى الآن، حيث التقطت مساحة واسعة من فوهة غيل في ظل أجواء صافية استثنائية.
وكشفت صحيفة نيويورك بوست بأن هذا المنظر الشامل عالي الدقة قد أُنتج من 44 صورة التقطتها كاميرا ماستكام في ظل ظروف شتوية مثالية على الكوكب الأحمر، مما يُتيح لمحة نادرة عن تضاريسه القديمة.
تصوير فوهة غيل بوضوح لا مثيل له
التُقطت هذه الصورة البانورامية خلال شتاء المريخ ، عندما تنخفض مستويات الغبار في الغلاف الجوي إلى أدنى مستوياتها الموسمية، لتكشف عن منظر واسع لقاع الفوهة يمتد حتى حافتها الشمالية ، الواقعة على بُعد عشرات الأميال.
عولجت الصور في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا، حيث عدّل العلماء الألوان لمحاكاة إضاءة الأرض ، مما يُمكّن المشاهدين من فهم التضاريس بشكل أكثر طبيعية.
أدى هذا الجمع بين الظروف الجوية النادرة ومعالجة الصور المتقدمة إلى الحصول على أحد أوضح السجلات المرئية للمريخ حتى الآن. وبالنسبة لعلماء الكواكب، تُتيح الصورة فرصة نادرة لدراسة معالم السطح بوضوح نادراً ما توفر في البعثات السابقة.
13 عاماً وما زال العد مستمراً على المريخ
أُطلقت مركبة كيوريوسيتي عام 2011 وهبطت على المريخ في أغسطس 2012 ، وصُممت لمهمة مدتها عامان . والآن، بعد أن دخلت عامها الثالث عشر ، تواصل المركبة تجاوز التوقعات، سواءً من حيث الأداء أو الإنتاج العلمي.
المريخ أكثر رطوبةً وتعقيداً
طوال مهمتها، استكشفت مركبة كيوريوسيتي الطبقات القديمة لفوهة غيل، كاشفةً عن أدلة على أن المريخ كان يضم في الماضي نظاماً معقداً من الجداول والبحيرات . تشير هذه النتائج إلى أن الماء السائل كان مستقراً على سطح الكوكب في يوم من الأيام، وهو شرط أساسي لظهور الحياة الميكروبية المحتملة.
كما عثر المسبار على صخور تحتوي على كربون عضوي وعناصر كيميائية أساسية أخرى، منها الكبريت والفوسفور والحديد المؤكسد. تُعزز هذه الاكتشافات النظرية القائلة بأن المريخ لم يكن نشطاً جيولوجياً في الماضي فحسب، بل ربما كانت لديه أيضاً ظروف مناسبة للحياة .
في عام 2021 ، وسّعت ناسا جهودها في استكشاف المريخ بوصول مركبة بيرسيفيرانس إلى فوهة جيزيرو . وبينما تُواصل كيوريوسيتي أبحاثها الجيولوجية، تُركّز بيرسيفيرانس على جمع العينات لمهمة إعادة عينات مستقبلية ، وهو مشروع تعاوني بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية .
الهدف النهائي هو استعادة عينات الصخور التي تخزنها مركبة بيرسيفيرانس حاليًا وإعادتها إلى الأرض. ورغم أن المهمة لا تزال في مراحل التخطيط والتمويل، فمن غير المتوقع أن تكتمل قبل عام 2040 . وبمجرد إنجازها، قد توفر هذه المهمة رؤىً أوضح حتى الآن حول التاريخ الجيولوجي والبيولوجي المحتمل للكوكب.
وتستمر المركبتان، اللتان تعمل كل منهما في مناطق مميزة ولهما أهداف علمية فريدة، في دفع حدود ما يمكن أن يكشفه الاستكشاف الآلي عن أقرب كوكب جار لنا.

