يبتعد القمر عن الأرض ببطء شديد، بمعدل حوالي 3.8 سنتيمترات (1.5 بوصة) كل عام، رغم أن هذا الرقم يبدو ضئيلاً، إلا أنه يكشف عن الديناميكيات المعقدة بين الأرض والقمر التي تطورت على مدى مليارات السنين.
كيف نعرف أن القمر يبتعد؟
يقوم العلماء بقياس المسافة إلى القمر بدقة مذهلة باستخدام أشعة الليزر المنعكسة عن المرايا التي وضعها رواد الفضاء على سطحه. من خلال قياس الوقت الذي يستغرقه الضوء للذهاب إلى القمر والعودة، يمكن تحديد تغيرات المسافة بدقة.
عادةً ما يبعد القمر عن الأرض حوالي 385,000 كيلومتر (239,000 ميل)، لكن مداره البيضاوي يجعل هذه المسافة تتقلب بحوالي 20,000 كيلومتر خلال كل دورة قمرية. هذا التغير هو سبب ظاهرة "الأقمار العملاقة" التي تبدو أكبر وألمع عندما يكون القمر في أقرب نقطة إلى الأرض.
السبب وراء ابتعاد القمر
السبب الرئيسي وراء ابتعاد القمر هو قوى المد والجزر التي تنتجها جاذبية القمر على محيطات الأرض. بسبب دوران الأرض، لا تتطابق هذه الانتفاخات المائية مع موقع القمر تمامًا، بل تتقدم قليلًا أمامه. هذا الاختلاف يُحدث قوة جذب تدفع القمر للأمام، مما يؤدي إلى زيادة مداره ببطء بعيدًا عن الأرض، وفقا لـ "dailygalaxy".
تأثير ابتعاد القمر على الأرض
زيادة بعد القمر عن الأرض ليست تأثيراً أحادي الاتجاه. فمع اكتساب القمر طاقة وزخماً إضافياً، يتباطأ دوران الأرض قليلًا. هذا يعني أن طول اليوم على الأرض يزداد بمقدار ضئيل جدًا، لا يُلاحظ إلا على مدى قرون، وقد يصل لجزء من الثانية فقط لكل قرن. ومع ذلك، على مدى ملايين السنين، تتراكم هذه التغيرات لتُحدث تأثيرات ملموسة على العلاقة بين الأرض والقمر.
هل سيهرب القمر من جاذبية الأرض؟
على الرغم من ابتعاده التدريجي، فإن القمر لن يهرب قريباً من جاذبية الأرض. بعد مليارات السنين، من المتوقع أن يصبح دوران الأرض متزامناً مع دوران القمر حولها، عندها سيتوقف القمر عن الابتعاد. لكن قبل ذلك، ستتسبب التغيرات الكونية، مثل توسع الشمس وارتفاع حرارتها، في تبخر مياه المحيطات .
بينما يبتعد القمر عن الأرض بمعدل 3.8 سنتيمترات سنوياً، تبدو هذه الظاهرة صغيرة لكنها تحمل دلالات علمية مذهلة عن العلاقة العميقة بين كوكبنا ورفيقه السماوي. ابتعاد القمر ليس مجرد حركة عابرة، بل نتيجة تفاعلات معقدة تشمل المد والجزر وانتقال الزخم بين الأرض والقمر، مما يؤدي تدريجياً إلى تباطؤ دوران كوكبنا.
هذه العملية، رغم بطئها الظاهر، تكشف عن مدى دقة التوازن الكوني واستمراريته على مدى مليارات السنين. وفي النهاية، تمنحنا هذه الملاحظات نافذة لفهم أعمق لديناميكيات النظام الشمسي وعلاقة الأرض بالقمر، دون أي خطر يذكر على حياتنا الحالية.
