كوكب مدمر يكشف السر.. علماء الفلك يفكون لغزاً استمر 40 عاماً

تمكّن علماء الفلك أخيرًا من فك لغز إشارة أشعة سينية غامضة، صادرة عن نجم يحتضر، بعدما ظلت تشكّل لغزًا محيرًا منذ عام 1980.

كشفت بيانات جديدة من مرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لوكالة ناسا والقمر الصناعي XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، أن هذه الإشارة قد تكون ناجمة عن كوكب تعرض للتدمير بفعل قزم أبيض، وهو أحد أكثر النجوم خفوتًا في الكون، يقع في مركز سديم هيليكس المعروف علميًا باسم WD 2226-210.

لغز استمر 40 عامًا

السديم الكوكبي هو المرحلة الأخيرة في حياة نجم، حيث يفقد طبقاته الخارجية، تاركًا خلفه قزمًا أبيض – بقايا نجمية صغيرة ولكنها ذات جاذبية قوية. وفقًا لمركز تشاندرا للأشعة السينية (CXC)، فإن الإشارة الغامضة التي تم رصدها قد تكون ناتجة عن حطام كوكبي انجذب نحو القزم الأبيض، مما يشير إلى أنه تمزق بفعل قوة الجاذبية الهائلة، وفقا لتقرير نشرته مجلة "نيوزويك".

وقال الباحث ساندينو إسترادا دورادو من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك في بيان رسمي: "يبدو أننا وجدنا أخيرًا تفسيرًا لهذا اللغز الذي استمر لأكثر من 40 عامًا. نعتقد أن إشارة الأشعة السينية هي نتيجة انجذاب بقايا كوكب مدمر إلى القزم الأبيض، وكأنها ناقوس الموت لهذا الكوكب في سديم هيليكس."

أدلة على عملية التدمير الكوكبي

إذا ثبتت صحة هذه الفرضية، فستكون هذه أول حالة يتم فيها رصد كوكب وهو يُدمَّر بواسطة نجم مركزي داخل سديم كوكبي.

تشير بيانات الأشعة السينية إلى أن الإشارة القادمة من القزم الأبيض ظلت ثابتة نسبيًا بين 1992 و1999 و2002، لكن الأرصاد الحديثة تكشف تغيرًا دقيقًا ومنتظمًا كل 2.9 ساعة، ما قد يكون مؤشرًا على بقايا كوكب يدور بالقرب من القزم الأبيض.

كوكب بحجم المشتري في مصير محتوم

كان العلماء يعتقدون سابقًا أن كوكبًا بحجم نبتون يدور قرب القزم الأبيض، مكملًا دورة مدارية في أقل من ثلاثة أيام. غير أن الدراسة الأخيرة تقترح أن الكوكب المدمر قد يكون أقرب لحجم المشتري.

يعتقد الباحثون أن هذا الكوكب بدأ رحلته في مدار بعيد، لكنه اقترب تدريجيًا بسبب تفاعلات جاذبية مع كواكب أخرى في النظام. ومع مرور الوقت، أصبح قريبًا جدًا من القزم الأبيض، ما أدى إلى تمزقه بفعل قوى الجاذبية الشديدة.

نظام نجمي يكشف عن فئة جديدة من الأجرام

يُظهر سديم هيليكس أنماطًا من الأشعة السينية تشابه تلك الصادرة عن اثنين من الأقزام البيضاء الأخرى التي لا تقع داخل السدم الكوكبية. وفقًا لمركز CXC، قد يكون أحد هذه الأقزام يسحب المواد ببطء من كوكب مرافق دون تدميره بالكامل، في حين أن الآخر ربما يمتص المواد من بقايا كوكب سابق.

يرى العلماء أن هذه الحالات قد تمثل فئة جديدة من الأجسام الفلكية المتغيرة، ما يفتح الباب أمام مزيد من الدراسات حول مصير الكواكب عند احتضار نجومها.

ما الذي تكشفه هذه الاكتشافات عن مستقبل الأرض؟

يقول عالم الفيزياء الفلكية خيسوس توالا، أحد مؤلفي الدراسة: "العثور على المزيد من هذه الأنظمة أمر بالغ الأهمية، لأنه يمنحنا رؤى جديدة حول مصير الكواكب المشابهة للأرض عندما تصل نجومها إلى مراحل الشيخوخة."

تكشف هذه الدراسة عن مصير قد يكون مشابهًا لما ستواجهه الكواكب المحيطة بالشمس في المستقبل البعيد، حين تدخل الشمس مرحلة القزم الأبيض، ما يثير تساؤلات حول مصير الأرض نفسها.