بحيرة إيرو.. مرآة أفريقيا الفضية من الفضاء

تبدو الصورة من السماء مختلفة كلية عن الأرض، كما تظهر الظواهر الطبيعية بألق يفوق ما عداه، التقط رائد فضاء على متن محطة الفضاء الدولية في ديسمبر 2024، صورة مذهلة لبحيرة إيرو في تشاد والتي بدت كمرآة فضية عملاقة وذلك بفضل ظاهرة طبيعية نادرة تُسمى بريق الشمس، حيث ينعكس ضوء الشمس بشكل مثالي على سطح الماء، مُكونا لمعانا يشبه المرآة.

ظاهرة بريق الشمس

تُظهر الصورة، الملتقطة في 21 ديسمبر 2024، بحيرة إيرو، الواقعة على بُعد حوالي 60 ميلاً (100 كيلومتر) شمال حدود تشاد مع جمهورية إفريقيا الوسطى، تقع البحيرة، التي يبلغ عرضها حوالي 7 أميال (12 كيلومتراً)، في منطقة الساحل، وهي منطقة سافانا شاسعة تفصل الصحراء الكبرى عن الغابات المطيرة في إفريقيا الوسطى، يحيط بالبحيرة نهر بحر السلامات، الذي يمتد لحوالي 125 ميلاً (200 كيلومتر)، ويشتهر بمساره المتعرج، لا سيما عند تقاطعه مع الشاطئ الجنوبي للبحيرة وفق ديلي جالاكسي.

في صورة رائد الفضاء، ينعكس ضوء الشمس الساطع على سطحي البحيرة والنهر، مانحاً إياهما لمعاناً معدنياً. ومن المثير للاهتمام أن أجزاءً من سطح البحيرة تبدو أكثر بياضاً من غيرها، نتيجة انعكاس ضوء الشمس على الغيوم في الأعلى.

يوفر المشهد المذهل رؤية علمية عن الظاهرة، المعروفة باسم "وميض الشمس"، تحدث فقط عندما تكون الشمس والماء والمراقب في محاذاة مثالية، مما يجعل من السهل التقاطها من الفضاء بدلاً من الأرض.

لماذا رواد الفضاء هم الأفضل في التقاط بريق الشمس؟

يتمتع رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية بمهارة فائقة في رصد وتسجيل تأثيرات وميض الشمس، إذ يمكنهم تعديل زاوية انعكاس ضوء الشمس بالنسبة للسطح المائي، وعلى عكس الأقمار الصناعية التي تحافظ على موقع ثابت، يستطيع رواد الفضاء تغيير موقعهم للحصول على محاذاة مثالية للانعكاس.

وقد أدت هذه القدرة إلى إنتاج العديد من الصور الرائعة للومضان الشمسي، بما في ذلك صورة لإحدى الجزر اليونانية كشفت عن ظواهر محيطية غير عادية، وأخرى لبحيرة بركانية في روسيا خلقت بحرًا من السحب.

ونظراً لموقع محطة الفضاء الدولية المتميز وقدرة رواد الفضاء على تعديل زاوية رؤيتهم، فإن مثل هذه الصور نادرة بشكل لا يصدق وتقدم منظوراً فريداً لكوكبنا من الفضاء.

بحيرة إيرو

طرحت أبحاث حديثة نظرية مثيرة للاهتمام حول أصول بحيرة إيرو، ويشير بعض العلماء إلى أن البحيرة تقع ضمن بقايا فوهة نيزكية قديمة، ظهرت هذه الفكرة لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي عندما اكتشف الجيولوجيون شظايا من بلورات قديمة في الصخور المحيطة بالبحيرة، ومؤخراً، أعادت دراسة أُجريت عام 2024 النظر في هذه النظرية، حيث بحثت في السمات الجيولوجية للمنطقة.

لاحظ الباحثون أن اصطدام صخرة فضائية كبيرة قبل ملايين السنين ربما غيّر المشهد المحيط بشكل كبير، بما في ذلك مسار نهر سلامات، يتميز النهر، الذي يصب في بحيرة إيرو، بتعرجاته الحادة، ما يجعل بعض العلماء يعتقدون أن الاصطدام ربما يكون قد تأثر به.

لا تزال نظرية أن بحيرة إيرو جزء من اصطدام نيزكي قديم قيد البحث، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيدها. ووفقًا للعلماء، ينبغي إعطاء الأولوية لفهم التاريخ الجيولوجي للبحيرة والمناطق المحيطة بها. يمكن حفظ أدلة الاصطدام جيدًا داخل النظام البيئي الفريد للبحيرة، مما قد يوفر رؤى قيّمة حول تاريخ الأرض وآثار اصطدامات النيازك على كوكبنا.