التوست والزبدة يكشفان سر قانون مورفي.. لماذا تسوء الأمور دائماً؟

من منا لم يسمع من قبل بعبارة: "إذا كان هناك شيء يمكن أن يسوء، فسوف يسوء"؟

هذه الجملة التي تحولت إلى ما يُعرف بـ"قانون مورفي"، تُستخدم عادة للتعبير عن سوء الحظ أو تكرار المشكلات غير المتوقعة. لكن، خلف هذه العبارة الساخرة، يدور جدل واسع بين العلماء حول ما إذا كان "قانون مورفي" يستند إلى أساس علمي، أم أنه مجرد انعكاس لطريقة تفكيرنا البشرية.

القانون العلمي وراء الفوضى

يرى بعض الفيزيائيين أن "قانون مورفي" يمكن تفسيره من خلال القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الأنظمة تميل بمرور الوقت إلى التحول نحو الفوضى أو ما يُعرف بـ"الانتروبيا".

ويقول الدكتور جاك باريت من جامعة كينغستون البريطانية: "لكل موقف نتيجة مثالية واحدة فقط، بينما توجد مئات النتائج التي يمكن أن تكون أقل من مثالية أو حتى كارثية. لذلك من الطبيعي أن تسوء الأمور أحياناً."

بمعنى آخر، العالم من حولنا لا يتآمر ضدنا، لكنه ببساطة مليء بالاحتمالات التي تجعل الفشل أكثر شيوعاً من النجاح.

التوست والزبدة

من الأمثلة الشهيرة التي تُستشهد بها عند الحديث عن هذا القانون، سقوط شريحة التوست المدهونة بالزبدة على الأرض.

يعتقد كثيرون أن التوست يسقط دائماً على الجانب المدهون، وكأن الحظ العاثر يطارده.

لكن التجارب العلمية قدمت تفسيرات منطقية لهذا المشهد اليومي، فقد أوضح الدكتور أ. هيلد من جامعة برن السويسرية أن ارتفاع الطاولة وسرعة سقوط التوست يجعلان الشريحة تدور نصف دورة فقط قبل ملامسة الأرض، وهو ما يؤدي غالباً إلى سقوطها على الجانب المدهون.

وهكذا، يبدو أن "القانون" في هذه الحالة ليس سوى نتيجة طبيعية لقوانين الفيزياء، وليس دليلاً على وجود حظ سيئ متعمد!

الجانب النفسي

من جهة أخرى، يرى علماء النفس أن "قانون مورفي" ليس قانوناً فيزيائياً، بل انحيازاً إدراكياً يجعلنا نلاحظ الأحداث السلبية أكثر من الإيجابية.

ويشرح الباحث مارك كولسون من لندن أن عقولنا تميل إلى تذكّر اللحظات المزعجة أو غير الموفقة لأنها تترك أثراً عاطفياً أقوى، بينما نتجاهل المرات التي سارت فيها الأمور على ما يرام.

هذا ما يُعرف بـ"مغالطة التوافر"، أي ميلنا للاعتقاد بأن ما نتذكره كثيراً هو ما يحدث في الواقع أكثر، حتى لو لم يكن ذلك صحيحاً.

بمعنى آخر، قانون مورفي يعيش في أذهاننا أكثر مما يعيش في العالم من حولنا.

قصة ولادة القانون

تعود جذور "قانون مورفي" إلى الخمسينيات في قاعدة رايت-باترسون الجوية بولاية أوهايو الأمريكية، عندما اكتشف مهندس يُدعى إدغار مورفي أن فنيين ربطوا أجهزة استشعار بطريقة خاطئة أثناء تجربة هندسية، وعندها قال غاضبًا: "أي شيء يمكن أن يسوء، سيسوء!"

انتشرت العبارة بسرعة بين زملائه، ثم أصبحت مع الوقت "قانون مورفي"، رمزًا ساخرًا لكل ما يمكن أن يسير في الاتجاه الخاطئ، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

ما بين الصدفة والحكمة الساخرة

اليوم، يُنظر إلى قانون مورفي على أنه مزيج من الفيزياء، وعلم النفس، والفكاهة البشرية، فهو يذكّرنا بأن الأخطاء والاحتمالات غير المرغوبة جزء من الحياة، لكن إدراكنا لها هو ما يجعلها تبدو أكثر حضوراً.

وربما تلخّص الجملة الساخرة المنسوبة إلى أحد العلماء الحقيقة بدقة: "قانون مورفي يعمل دائماً.. إلا عندما نحاول إثباته علميا".