قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»: «مكان المسؤولين والوزراء والقادة هو الميدان... نريد أن نراهم بين الطلاب والمعلمين، في السوق بين التجار، مع المزارعين والصيادين، عند الأمهات وكبار المواطنين، في المستشفيات بين الأطباء والعاملين... نحن حكومة إنجازات، ولسنا حكومة محاضرات».
كلمات تختصر فلسفة القيادة الحقيقية، وتكشف أن الميدان هو الامتحان الأول والأخير لأي مسؤول، سواء كان في القطاع العام أو الخاص.
الغائبون عن الميدان
الميدان ليس رفاهية ولا خياراً إضافياً، بل هو أصل القيادة، ومع ذلك، أصبحنا نرى اليوم مسؤولين يعيشون عزلة مخططاً لها، يحملون هاتفين: واحداً للشركاء والعمل لا يردّون عليه إلا حين يشاؤون، وآخر للأصدقاء والمقربين، وكأن المنصب ملك شخصي، لا أمانة في خدمة العمل ومن فيه.
في الصحة... الغياب جريمة
في قطاع الصحة تحديداً، الغياب عن الميدان ليس مجرد تقصير، بل جريمة بحق المرضى والعاملين. القائد الذي لا يمر على أقسام الطوارئ، ولا يرى وجوه الممرضين بعد نوبات مرهقة، ولا يجلس مع الأطباء لسماع ما يواجهونه، لا يملك الحق في الحديث عن تطوير أو تحسين.
كيف يمكن أن تبني رؤية مستقبلية، وأنت لم تشاهد الواقع بعينيك؟
الهواتف المزدوجة... والولاء المنقوص
من يقسّم حياته بين هاتف للعمل مغلق أكثر مما يرن، وهاتف للأصدقاء مفتوح بلا انقطاع، يعلن ضمنياً أن أولوية العمل تأتي في المؤخرة. هذه العقلية تحوّل الشركاء والموظفين إلى عبء، بدل أن يكونوا قوة دفع، وتحوّل المنصب إلى منصة شخصية، بدل أن يكون وسيلة لخدمة المؤسسة.
لا أعذار بعد اليوم
الميدان لا ينتظر دعوة، ولا يحتاج خطاباً معدّاً، ولا يرحم من يتأخر. الميدان هو أن تذهب بنفسك حيث المشكلة، وتسمع بأذنك قبل أن تصلك الكلمات مصفّاة في تقرير. هو أن تكون أول من يواجه الصعوبة، وآخر من يغادر موقعها.
الخلاصة... إما الميدان أو المقعد الشاغر
الأوطان لا تُبنى بالصور الرسمية، ولا بالشعارات المنمقة، بل بالحضور الفعلي، حيث تُصنع القرارات على الأرض، وكما قال سموه: «نحن حكومة إنجازات، ولسنا حكومة محاضرات»، فإما أن نكون في الميدان، أو نترك المكان لمن يعرف طريقه.