من يخاف... لا يحق له أن يقود

نحن لا نولد خائفين، بل يُزرَع الخوف فينا تدريجياً، تحت مسميات مثل الحذر أو «اعرف حدودك». ولا نولد جاهلين، لكننا أحياناً نُفضّل الجهل، لأنه لا يحرجنا ولا يدفعنا إلى التغيير.

في القيادة، الخوف والجهل يتشابكان بطريقة قاتلة. الخوف هو جهلٌ بما لم نختبره، والجهل هو خوفٌ من أن نُسأل ولا نعرف.

أسوأ ما في الخوف القيادي، أنه لا يظهر دائماً في صورته الصريحة، بل يتخفى خلف «الحكمة» أو «الحرص» أو «الخبرة»، وراء كل قرار مؤجل، أو مشروع مُعطَّل، أو فرصة مهدورة... غالباً ما يوجد قائد يعرف ما يجب فعله، لكنه يخشى أن يتحرك.

وهنا نقولها ببساطة:

من يخاف... لا يحق له أن يقود

حين يتخفّى الخوف في ثياب الحكمة

كم مرة سمعنا:

• «الفكرة متقدمة جداً».

• «نحن نعرف سوقنا».

• «التوقيت غير مناسب».

هذه ليست نصائح استراتيجية، بل تبريرات أنيقة للتردد.

نخشى التقنية لأننا لم نفهمها.

نرفض التغيير لأنه يُجبرنا على الخروج من منطقة الراحة.

ونتشبث بالماضي، لأنه لا يُحرجنا بأسئلة لا نعرف أجوبتها.

الخوف لا يرفض الجديد لأنه خطر... بل لأنه يتطلب شجاعة البداية.

ولا يقدّس القديم لأنه عظيم... بل لأنه مألوف، ومريح، وخالٍ من التحديات.

من دبي... حيث لا مكان للخوف في القيادة

حين قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن يجعل من دبي مدينة تتفوق على عواصم العالم، لم ينتظر موافقة أحد، ولم يتوقف عند أسئلة الخائفين.

قالوا إن مترو دبي بلا جدوى، فأثبت نجاحه.

شككوا في برج خليفة، فصار رمزاً عالمياً.

لم تكن هذه مجرّد مشروعات، بل رسائل قيادية، تقول:

القرار لا يُؤجَّل بسبب الخوف، والرؤية لا تُخفى بسبب التردد.

دبي اليوم ليست نتيجة «تفكير تقليدي»، بل نتاج شجاعة قيادية واجهت المجهول... وتحركت.

المعرفة دون شجاعة... شهادة بلا عمل

المعرفة اليوم في متناول الجميع، لكن امتلاك المعلومة لا يكفي.

القيادة تعني أن تتحرك بها... لا أن تخزنها.

من يقول «لا أعرف» لا يُلام،

لكن من يرفض أن يعرف وهو قادر...

فهو يختار الجهل، ويتنازل عن القيادة.

القيادة الحقيقية... بين عقل جريء وقلب واعٍ

نحتاج أولاً أن نُصارح أنفسنا:

هل نحن مترددون لأننا حكماء... أم لأننا خائفون؟

هل تأجيلنا قرارات مهمة سببه التروّي... أم التهرب من المسؤولية؟

المعرفة دون شجاعة كالنور في غرفة مغلقة،

والشجاعة دون معرفة نيران بلا اتجاه.

لكن حين يجتمع العقل الجريء مع القلب الواعي... تولد القيادة الحقيقية.

لا تخف من الجهل... بل من التعايش معه

لا تخشَ أن تُسأل، بل أن تصمت وأنت تعرف أنك لا تعرف.

فالخطأ لا يقتل،

لكن التبرير الطويل له يقتل ما هو أهم:

القدرة على الإصلاح.

وأقسى صوت في أي مؤسسة تنهار...

هو صوت الجهل،

حين يرتدي وجه الخوف،

ويتحدث بثقة... على طاولة القرار.