البرهان و«الإخوان» وأزمة السودان

يواجه قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، مأزقاً كبيراً نتيجة تحالفه مع جماعة الإخوان الإرهابية، فمع زيادة حدة الضغط الدولي والإقليمي عليه لجأ إلى سياسة الكذب والتضليل نافياً وجود أعضاء من الجماعة في الحكومة.

وقال في خطاب مصوّر: «لا نعرف من هم، نسمع عنهم فقط في الوسائط الإعلامية»..

لكن الرد السريع على هذه الأكاذيب جاء من عناصر الإخوان أنفسهم، الذين ردوا بسلسلة تسجيلات وفيديوهات تؤكد مشاركتهم المباشرة في الحرب ضمن صفوف الجيش، بل إن أحد المسؤولين في هذه الجماعة.

وهو أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد البشير، ذكر أن من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وأن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من الحركة.

تحالف «الإخوان» مع جيش البرهان لا يحتاج إلى أدلة لإثباته، فهذا التحالف هو السبب الرئيسي وراء إفشال انتقال السودان الديمقراطي والمدني عقب الإطاحة بنظام عمر البشير الإخواني.

وهو السبب في انقلاب البرهان على شريكه في حكم المرحلة الانتقالية محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع واشتعال الحرب الأهلية الحالية في أبريل عام 2023.

وهو السبب أيضاً في استمرار هذه الحرب طيلة هذه الفترة، وإفشال كل المبادرات والجهود التي بذلت من أجل وقفها وحقن دماء الشعب السوداني المغلوب على أمره.

وآخر هذه الجهود كان مقترح الهدنة الذي قدمته اللجنة الرباعية الدولية بشأن السودان، والذي رفضه البرهان تحت ضغط من قيادات «الإخوان» المتحكمين في قراراته.

يخشى البرهان من فك تحالفه مع «الإخوان» والتنظيمات المنضوية تحت لوائهم وعلى رأسها كتيبة البراء بن مالك، لأن هؤلاء هم الذين يزوّدون جيشه بالمقاتلين ويقودون استراتيجية الحرب، وهم يدركون أن أي سلام في السودان أو انتقال مدني وديمقراطي سيؤدي إلى الإطاحة بهم من المشهد السياسي.

لذلك يضغطون من أجل إفشال أي تحرك لتحقيق السلام.. فعندما قامت الثورة على نظام البشير الإخواني، كان من بين أول مطالب الشعب السوداني هو الإطاحة بهذه الجماعة التي سببت الكوارث للسودان وشعبه.

وتم بالفعل تشكيل لجنة إزالة التمكين، المعنية بمحاسبة رموز وفلول النظام السابق وفصلهم من الجيش أو المؤسسات الأمنية والمدنية.

لكن البرهان سرعان من أوقف عمل هذه اللجنة، بل وقام بحلها تماماً وأعاد المفصولين من فلول نظام البشير إلى وظائفهم، وهو ما مهد لعودة المئات منهم إلى الجيش.

لكن البرهان اليوم يعلم جيداً أن تحالفه مع جماعة الإخوان الإرهابية لم يعد مقبولاً من قبل المجتمع الدولي، ولا حتى من قبل حلفائه الإقليميين.

فالبيان الصادر عن وزراء خارجية مصر والسعودية والولايات المتحدة والإمارات كان شديد الوضوح عندما قال إنه لا يمكن أن يفرض مستقبل السودان من قبل جماعات متطرفة سواء كانت جزءاً من تنظيم الإخوان أو مرتبطة به..

وهذا البيان تزامن مع فرض واشنطن عقوبات على وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، وكتيبة البراء بن مالك الإخوانية، في محاولة للحد من التأثير المتشدد في السودان. كما أكدت واشنطن مراراً أنها لن تقبل بأي وجود للإخوان في مستقبل السودان.

الخيارات أمام البرهان لم تعد كثيرة، فتحالفه مع «الإخوان» بات مرفوضاً بصورة واضحة من الجميع، واستمرار هذه الحرب العبثية تحت تأثير «الإخوان» لم يعد أيضاً خياراً يراهن عليه..

والمسار الوحيد الواضح للجميع اليوم هو مسار خطة اللجنة الرباعية الدولية.. فهل ينقذ البرهان نفسه؟ أم يذهب هو وحلفاؤه «الإخوان» إلى الهلاك؟