كيف يصنع العنف؟

تعددت الحوادث في مختلف أنحاء العالم التي تثبت أن العنف والإرهاب فكرة تستحوذ على عقل الإنسان ونفسه فتحوله من كائن بشري طبيعي يعيش مع جيرانه، يتبسم في وجوههم، يلقي عليهم التحية، إلى وحش يندفع بصورة غير عقلانية لسفك دماء الأبرياء، الذين لا يعرفهم، وليس بينه وبينهم خصومة، ولم يحدث أن التقى بهم من قبل، أو اختلف معهم على شيء.

العنف فكرة تجعل الإنسان يكره، ويستبيح دمه، هذه الفكرة موجودة في مختلف الثقافات والأديان، ولا تختص بها ثقافة، ولا دين واحد، هي فكرة كراهية الآخر، ونزع الصفة الإنسانية عن الإنسان الآخر لأي سبب من الأسباب، بأنه قد يكون مختلفاً في اللون أو في العرق أو في الدين أو حتى في الثقافة أو المظهر أحياناً.

لذلك من الضروري أن يتم التيقظ إلى خطورة هذه الفكرة لأن العديد من الحوادث التي مر بها العالم في السنوات الأخيرة منذ بداية هذا القرن كان محرك العنف فيها فكرة تسربت إلى العقول والقلوب بطريقة ما من خلال خطاب متطرف. ومهما بذلت الجهود تظل الأفكار أخطر لأن ما عرف بـ(ظاهرة الذئاب المنفردة)، هو تعبير عن أن العنف فكرة، وهذه الفكرة تبثها تنظيمات تستحوذ على عقول البشر وتحول معتقداتهم وأفكارهم من قيم السلام والتسامح إلى أدوات القتل والعنف والإرهاب.

المواجهة الحقيقية للعنف لا بد من أن تركز على الفكرة وكل من ينشر هذه الفكرة أو من يشجع عليها ويشكل عقول البشر بناء عليها سواء كانت تنظيمات أو مؤسسات دينية أو مؤسسات تعليمية أو سياسية، ولا بد من العمل على أن تصبح مواجهة هذا العنف مواجهة عالمية ليست قاصرة على دين معين، ولا على ثقافة معينة، أو لغة معينة، أو عرق معين، وإنما ينبغي أن تواجه فكرة العنف وكراهية الآخر في جميع الثقافات والأديان لأن الانحراف في أي دين أو ثقافة سيؤدي إلى ردود أفعال، وعمليات من الثأر المتبادل، فلا بد من أن يواجه العنف مواجهة شاملة.

نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم منظومة متكاملة لنزع فكرة العنف من الخطاب الثقافي والديني والتعليمي والقانوني وأصبحت المساواة بين الجميع أمام القانون حقيقة يدركها الجميع، وأصبحت فكرة التسامح الشاملة العامة التي تحتوي أكثر من مائتين جنسية هي الطريق الأمثل الذي يحقق الأمن والأمان ويحول دون ظهور أي ظواهر للعنف أو للكراهية، وقد بدأت الإمارات بالثقافة وصناعة الأفكار والخطاب الثقافي والديني والتعليمي ثم أكملت المنظومة بالسياج القانوني، وذلك ما تحتاجه مختلف دول العالم لمواجهة العنف.