ماذا تلتَقِط عَينُ المرأة؟

شغلت نظرات النساء فضول الباحثين! فحاولوا عبر كاميرات مراقبة معرفة كيف يتصرف كل من الرجل والمرأة في اللحظات الأولى لدخولهم إلى حفلة تعج بأناس لا يعرفونهم.. فتوصلوا إلى أن الرجل يدخل القاعة بعين قلقة تبحث عن المخارج أولاً ثم الوجوه المألوفة لإحصاء حلفائه، قبل أن يتفحص المكان بحثاً عما يستحق الإصلاح كتمزق في السجاد أو ميلان في لوحة معلقة ونحو ذلك.. أما وجه المرأة فيبدو وكأنه لم يتحرك قيد أنملة غير أن عينيها تتحركان ببطء لافت، مع التفاتات بطيئة لتلتقط تفاصيل القاعة ومجرياتها التي لا ينتبه إليها أحد.

ولهذا حين تسأل الرجل عما رآه، فإنه يقدم لك خلاصة سريعة وينهي الموضوع.. أما المرأة فسوف تتحدث بشيء من الإسهاب عما شاهدته من أشخاص وتصف ثيابهم، وتحدد طبيعة مزاجهم. أما من لا تعرفهم فيمكنها أن تضع فرضيات غالباً ما تكون صائبة نظراً لقوة حدسها. ما ذكر آنفاً هو ما أشارت إليه الكاتبة الفرنسية، آلين ويلر، في كتابها الجميل «الرجل والمرأة.. أسرار لم تنشر بعد». وبعد قراءة ما سبق نستطيع أن نفهم لماذا حينما تسأل المرأة زوجها أو قريبها عما شاهده في حفل حضره، فإنه لا يتوسع في الإجابة على نحو كاف، الأمر الذي يثير استغراب السائلة، وذلك مرده إلى أنها لا تدرك أن ما شاهدته هي بعينها أكثر تفصيلاً مما شاهده الرجل.

وفي دراسة على قراءة لغة الأطفال الرضع، عرض شريط فيديو صامت يظهر أطفالاً يبكون، ففهمت النساء أغلب الرسائل: جوع، نعاس، مغص، حاجة إلى التجشؤ الخ.. في حين عجز الرجال عن حل أكثر من إشارتين، مكتفين بقول: «يريد والدته»، وهو التفسير الأسهل لأب مرتبك ومتردد يحاول أن يترك أمر الاهتمام بالطفل لشخص آخر غيره.. وهذا دليل آخر على أن عين المرأة لاقطة للمشاعر والتعابير أكثر من الرجل، وهذا كله يدفعها بطبيعة الحال إلى التحدث والتعبير عن ما تشاهده بعينها.

وقد أعجبتني كلمة بليغة للكاتبة الفرنسية آلين ويلر تقول فيها، إن دماغ المرأة مفطور على مراقبة الناس وفهم تصرفاتهم والتأكد من أنهم بحالة جيدة!.. وتصف المرأة بأنها تعيش حياتها وحياة غيرها، بمعنى أنها علاوة على انشغالها في وظيفتها وواجباتها، فإنها تعيش هموم أبنائها وتقرأ بعينها تعابيرهم، وتؤازرهم وتدرسهم وكأنها هي التي ستقدم الاختبارات!.. كما لاحظ العلماء أيضاً أن الذبذبات الكهربائية في دماغ المرأة في لحظات صمتها تتحرك بنسبة 90% مقارنة بالرجل الذي لا يتحرك سوى 10% منها، فهي حتى وإن كانت صامتة يبقى ذهنها في حالة نشاط دائم.

ما سبق إشارات تدل على أن المرأة التي أظهرت الدراسات أنها تتحدث ثلاثة أضعاف معدل كلمات الرجل في اليوم الواحد، لم تأتِ من فراغ، فما يحركها ليس فقط الحوارات التي تتناهى إلى أسماعها بل هي تسمع أيضاً بعينها الكثير من التفاصيل، والمشاعر، والأحاسيس، الأمر الذي يجعلها أكثر تفاعلاً وطاقة في الحديث من الرجل، ولكل قاعدة شواذ. ولذلك استعانت جهات أمنية عديدة بالنساء في منافذ الجمارك، لما يتمتعن به من قدرة مدهشة على التقاط ملامح القلق والارتباك لدى المشتبه بهم، على نحو يتفوق على ما تلتقطه أعين الرجال بمراحل.