تستحضر احتفالاتنا بعيد الاتحاد من كل عام في نفوسنا إرث الآباء المؤسسين، وتدعونا هذه المناسبة الوطنية إلى التأمل بالمبادئ السامية والقيم النبيلة التي رسخوا بها أساسات بناء دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي مقدمتها الوحدة، والإيمان بقيمة الإنسان، وبناء مؤسسات قوية قادرة على النهوض بالمسيرة التنموية، وما ينطوي على ذلك من تنمية الموارد البشرية وتهيئة الأجيال القادمة، باعتبارهم الامتداد الطبيعي لمسيرة الاتحاد، وهو ما أكّده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بقوله: «إن موضوع رعاية الطفولة ضمن خطط التنمية الشاملة، وتجهيز الطاقات البشرية القادرة على النهوض بالمهمات الجسام التي تنتظر أمتنا، يعدّ من أهم موضوعات الساعة وأعظمها أثراً على تطور حياة شعوبنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا».
ومنذ نشأة دولتنا الفتية، اتجهت القيادة الرشيدة إلى تبنّي رؤية تنموية شاملة ترتكز على بناء الإنسان جنباً إلى جنب مع تطوير البنية التحتية والتعليم.
وتواصل قيادتنا اليوم ترسيخ هذه الرؤية عبر استراتيجيات وطنية متقدمة، يتكامل فيها دور المؤسسات والمجتمع، وتشكل الاستدامة إطاراً شاملاً تُصاغ من خلاله التوجهات والسياسات على مختلف المستويات، بدءاً من تطوير الاقتصاد، ومروراً بالذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى مستهدفات الحياد المناخي 2050.
تتقاطع الاستدامة مع مجالات التنمية كافة من الاقتصاد إلى المجتمع إلى التعليم إلى البيئة.. فلا تحقق الأهداف التنموية بدونها.
وفي سياق عام المجتمع 2025، برزت المسؤولية الوطنية المشتركة أمام مؤسسات الدولة لتمكين دور الشباب الإماراتي في مسيرة التحول المستدام، فهم الجيل الذي سيستلم دفة قيادة مؤسساتنا، ويتخذ القرارات التي سترسم ملامح مستقبل المجتمع والوطن.
وانسجاماً مع الأجندة الوطنية، كرست مجموعة تدوير جهوداً خاصة لتمكين الشباب في صميم خططها الاستراتيجية، بدءاً ببرامج التوعية التي توسّع مداركهم البيئية، وتعزّز ارتباطهم بالهوية والانتماء، وتستحضر إرث الأجداد في احترام الموارد والحفاظ عليها، وصولاً إلى تطوير المواهب الشابة داخل المجموعة، وتأهيلهم لتولي مسؤوليات كبرى، وقيادة المشاريع الاستراتيجية، وتمثيل الإمارات في المحافل الدولية.
إلى جانب التنظيم والمشاركة في مبادرات وطنية، وبرامج تفاعلية ممنهجة تثقيفية وتطوعية ومجتمعية، دورية وطويلة المدى، مصممة لتعزيز التفكير النقدي لدى اليافعين، وغرس ثقافة الاستدامة، وتبني مبادئها في أنماط الحياة اليومية في المجتمع.
ووصل تأثير هذه البرامج إلى ملايين الأطفال والشباب والأسر في المدارس والجامعات، ومجالس الإمارات والشباب، والفعاليات المجتمعية والرياضية والبيئية، والمعارض والمهرجانات التراثية، على مستوى جميع إمارات الدولة.
لا تسعى مجموعة تدوير إلى توعية الشباب بالسلوكيات البيئية المُثلى، وأفضل الممارسات في ترشيد الاستهلاك وإعادة التدوير وإدارة النفايات فحسب، بل إلى دمج نهج الاستدامة في كل ما يقومون به، وتوسعة آفاق المعرفة لديهم بالقيمة متعددة الأبعاد التي تحملها النفايات، والعلاقة الوثيقة بين مفاهيم إدارة النفايات، والبيئة، والأمن الغذائي، والاقتصاد الدائري، والتنافسية الوطنية؛ لتحفيز عقولهم الفتية في ابتكار حلول بيئية واقتصادية مبدعة جديدة، لاستغلال النفايات في استخلاص الموارد وتحقيق أكبر قدر من القيمة، بما يعزز نظافة بيئتنا، وينمي ثروات وطننا، ويسرع تحوله نحو الاقتصاد الدائري، فينعم شعبنا بالرخاء والصحة والسلامة.
إن احتفالنا بعيد الاتحاد الرابع والخمسين ليس مجرد احتفاء بذكرى تاريخية، بل هو فرصة لتجديد التزامنا بما بدأه الآباء المؤسسون بالالتزام ببناء وطن أقوى وأكثر جاهزية للمستقبل.
وفي إطار الأجندة الوطنية، يستدعي هذا الالتزام تمكين الشباب، والإيمان بقدراتهم.
فالشباب ليسوا عنصراً مكمّلاً لمسيرتنا، بل هم نبضها ومحركها، والمستقبل المستدام الذي نستثمر فيه لأجيال قادمة.