ويستلزم الوصول لهذا التصنيف، تقديم كل من وزارتي الخارجية والمالية، خلال ثلاثين يوماً، تقريراً عما إذا كان أي من فروع الجماعة تلك، يستوفي شروط اعتباره «إرهابياً»، على أن يصدر القرار النهائي بعدها في مدة أقصاها 45 يوماً أخرى.
وتتعدد الإجراءات التي يمكن أن تترتب على صدور القرار من الإدارة الأمريكية تجاه فروع الجماعة تلك، ومن بينها تجميد الأصول المالية والحسابات البنكية، وحل الهيئات التابعة لها، وحظر دخول أعضائها، وصولاً إلى صدور أوامر بالقبض عليهم، والتعاون مع الدول الأخرى في كل هذا.
وليس هناك من شكوك حول أهمية كل هذه الجوانب على المستقبل القريب والبعيد لتحركات وأنشطة تلك الفروع الثلاثة لجماعة «الإخوان»، وربما على فروع أخرى قد تلحق بها في نفس التصنيف مستقبلاً، إلا أن الجوهر الأهم في عملية التصنيف الإرهابي التي أطلقها الرئيس الأمريكي، يظل في حقيقته سياسياً في الأساس.
فبدون الدخول في تفاصيل لا حصر لها، فقد ظل رسم السياسات الأمريكية طوال هذه العقود، وخصوصاً في مصر والأردن، يضع دوماً في اعتباره الوجود المؤثر لفروع الجماعة في الخريطة السياسية والاجتماعية الداخلية في كل منهما، ما أفرز، ولفترات طويلة، مصطلح «البديل»، الذي شاع في التقارير والتقديرات السياسية والدراسات البحثية، لوصف فروع الجماعة باعتبارها الأكثر جاهزية، والأقرب لاستبدال النظم الحاكمة فيهما.
ويشير أمر الرئيس ترامب بتصنيف فروع الجماعة كمنظمات إرهابية، إلى أن «اهتزاز» الثقة الأمريكية في هذا «البديل»، قد تحول إلى «يقين» كامل بضرورة إسقاطه من الحسابات الأمريكية السياسية للأوضاع الداخلية في دول المنطقة، وبخاصة الدول الثلاث التي ستصنف فروع الجماعة فيها كإرهابية. وتحول الجماعة، أو بعض فروعها، وبخاصة منشأها ومركزها المصري، إلى إرهابية في التصنيف الأمريكي الرسمي، يفتح الباب أمام مرحلة غير مسبوقة من القطيعة السياسية الأمريكية معها، واستبعادها التام مستقبلاً من أي تصورات تضعها واشنطن للتفاعلات السياسية في هذه الدول على الأقل.
فقد حاول البيان إعادة «مغازلة» الإدارة الأمريكية، بتذكيرها بما كانت إدارات متعاقبة تراه مقومات لاعتمادها كـ «بديل»، بالادعاء أن «لها تاريخ طويل من المشاركة السلمية الاجتماعية والدينية والمدنية والسياسية، والتزمت بشكل صريح بالأنظمة الديمقراطية السلمية، وباحترام العمليات الدستورية، والمشاركة المدنية السلمية».
وكان الأخطر والأبرز في هذا البيان، هو محاولة النيل من الضربة القاضية التي قوضت أركان الجماعة، بإسقاط المصريين لحكمها لبلادهم، بالادعاءات النمطية المعتادة منها، مع الاضطرار للاعتراف العلني فيه بأن «الجماعة قد عملت خلال الفترة التي تولت فيها حكم البلاد عن كثب مع حكومة الولايات المتحدة، لتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودفع الجهود الدبلوماسية من أجل إرساء السلام».
وحاول البيان في فقرته الختامية، إعادة الترويج للصورة الشائعة «القديمة» للجماعة في الأوساط السياسية والبحثية الأمريكية، كجماعة التزمت منذ تأسيسها «بنهج الإصلاح الاجتماعي السلمي»، ورفضها القاطع «التطرف العنيف بجميع أشكاله».