الإمارات في قمة العشرين

شهدت قمة مجموعة الـ20 التي انعقدت مؤخراً في مدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، حضوراً متميزاً لدولة الإمارات العربية المتحدة، قاده سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي. ف

في الوقت الذي اقتصرت إسهامات الدول الأعضاء في المجموعة والدول المدعوة للحضور على خطب، ووعود نظرية، ولم يظهر في هذه القمة أي إسهام حقيقي يقدم للقارة الأفريقية التي تعود العالم أن يتعامل معها كونها مصدراً للمواد الخام النادرة وغير النادرة، وسوقاً لتصريف المنتجات، ولم ينظر إليها أحد بصفتها مجتمعات تستحق أن تنال الرعاية والعناية بعد أن تم استعمارها واستنزافها لقرون عديدة.

جاء إسهام دولة الإمارات في القمة متميزاً وعملياً ونادراً، حيث أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إطلاق مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية» بقيمة مليار دولار أمريكي، وذلك لدعم وتمويل مشروعات الذكاء الاصطناعي في الدول الأفريقية، وذلك للنهوض بالتعليم والصحة والبنية الاقتصادية الأساسية لتحقيق النمو والازدهار في المجتمعات الأفريقية.

ويأتي موقف الإمارات الصادق في سياق خطة إماراتية واعدة ومتميزة في عموم القارة الأفريقية، حيث أصبحت الإمارات أكبر مستثمر في أفريقيا، وتقدم استثماراتها بطريقة مختلفة عن باقي الدول، حيث تركز على الإسهام في تنمية المجتمعات المحلية، التي توجد فيها استثماراتها.

إن المبادرة الإماراتية تمثل بداية لتحقيق نهضة حقيقية في التعليم والصحة والمشروعات الصغيرة والبنية التحتية الاقتصادية لتشجيع المجتمعات الأفريقية الفقيرة على أن تنخرط في الاقتصاد العالمي الحديث، وتخرج من كونها مجتمعات تتلقى المعونات والدعم بصفتها مجتمعات فقيرة أو أقل حظاً أو منكوبة بالحروب الأهلية والصراعات العرقية والجماعات الإرهابية.

إن إسهام الإمارات في أفريقيا سيدفع العديد من الدول لإعادة التفكير في مقاربتها للتعامل مع المجتمعات الأفريقية من جانب، وسيدفع المجتمعات والدول الأفريقية للتمييز بين من يريد أن يحقق تنمية حقيقية في مجتمعاتهم، وأن يبني معهم شراكات اقتصادية تحقق الفائدة للطرفين، وبين من يتعامل معهم بمنطق الاستغلال والاستنزاف.

إن مقاربة الإمارات للتنمية في أفريقيا عمل متميز تقوم به الدولة، ويقوم به أيضاً المجتمع الإماراتي من خلال الجمعيات الخيرية والتبرعات التي لا توجد دولة أفريقية إلا وفيها يد الخير الإماراتية تحفر بئراً، وتبني مدرسة ومستشفى، وتقدم دعماً للفقراء، وتبني مسجداً.

هذا العمل الأهلي يكمل عمل الدولة في الاستثمار الاقتصادي ويفتح لها أبواب الشراكة مع المجتمع بما يؤمن مستقبل هذه الاستثمارات الاقتصادية ويؤمن مستقبل العلاقات بين الإمارات وبين الدول الأفريقية.