حمدان بن زايد.. رؤى واستراتيجيات نموذج الظفرة

تحدثنا سابقاً عن التحولات الكبرى التي شهدتها منطقة الظفرة، تحت قيادة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، في بنيتها التنموية، ضمن مخطط استراتيجي ومنظومة متكاملة، تفردت في فهم العمق الجغرافي والمخزون الثقافي الهائل، والإمكانات الاقتصادية، وكيف أصبحت في السنوات الأخيرة منصة للتماهي الكامل بين التنمية الشاملة والهوية الإماراتية.

العودة لاستكمال هذا الموضوع، من جوانب أخرى، يأتي لتسليط الضوء على المشاريع الكبرى التي تُشرف عليها مؤسسات منطقة الظفرة، بالتنسيق المباشر مع سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، كذلك الملامح الحقيقية لرؤية تجاوزت توفير الخدمات، إلى بناء بيئة مكتملة المقومات، ينمو فيها مجتمع الظفرة بثقة، وتتسارع فيها وتيرة التطوير، ضمن معادلة متزنة بين الطموح والسيادة الوطنية.

خلال العامين الأخيرين، لاحظنا ما شهدته «الظفرة» من نقلة واضحة في توسيع نطاق البنية التحتية، حيث تم إطلاق مشاريع حيوية في قطاعات النقل، والخدمات، والمرافق العامة، لتعزيز جودة الحياة في مدن مثل غياثي، والسلع، والمرفأ، وليوا. واللافت أن هذه المشاريع تتفاعل ضمن تخطيط حضري، يأخذ في اعتباره الخصوصية البيئية والثقافية لكل منطقة، ما يضمن بناء مدن تحترم إيقاعها المحلي، وتفتح أبوابها على المستقبل.

مثلاً، في قطاع الطاقة والمياه، يواكب سمو الشيخ حمدان تحولات الدولة نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال دعمه لمشاريع الطاقة المتجددة في الظفرة، التي ترفد شبكة الدولة بطاقة نظيفة، وتشكل رافداً اقتصادياً واستراتيجياً في آن. وقد واكب سموه تطورات البنية التحتية لمحطات المياه والتحلية، مؤكداً أن «الاستدامة في الموارد، تُبنى من خلال التكامل بين الابتكار والحوكمة البيئية».

وكباحثة اجتماعية، أرى أن رؤية سموه تتبلور حول السكن الكريم، باعتباره أحد ركائز الاستقرار الاجتماعي، وقد تم بالفعل اعتماد مواقع جديدة لمجمعات سكنية في مدينة الظنة، توفر حلولاً معمارية ذكية، وتمنح الأولوية لاحتياجات الأسر المواطنة، من حيث القرب من المدارس والخدمات الصحية ومراكز الأنشطة المجتمعية.

أما التعليم، فقد شهد دفعة جديدة، بافتتاح فرع جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في مدينة الظنة، ما يشكل نقلة نوعية في توفير التعليم العالي داخل المنطقة الغربية، ويمنح الطلبة فرصاً متقدمة لبناء مستقبلهم المعرفي، ضمن بيئتهم الاجتماعية.

هذا الإنجاز يرتكز على فلسفة تنموية، ترى في التعليم حجر الأساس لبناء جيل متوازن، يجمع بين المهارات الحديثة والجذور الثقافية. وتتقدم جهود سموه في ملف الشباب، كجزء من رؤية أوسع، لتمكين المجتمع بكامله.

فاستقباله المتكرر لمجلس الظفرة للشباب، وحرصه على مواكبة مبادراتهم، يعكس التقدير العميق الذي توليه القيادة للطاقات الشابة. وتنتظم برامج التطوير المهني في مؤسسات الظفرة، ضمن مبادرات ريادية، تدعم الابتكار، وتحث على الريادة، بما يعزز قدرة الكفاءات الوطنية على التفاعل مع التحديات الاقتصادية والفكرية المعاصرة.

ويتقدم القطاع الزراعي في الظفرة بمشاريع تعزز من استقلالية الأمن الغذائي للدولة، من خلال زراعة أصناف محسنة، وتطبيق تقنيات الزراعة المستدامة، واستعادة دور المزارع المواطن في الدورة الاقتصادية. ويتكامل هذا التوجه مع جهود هيئة البيئة، التي ترأسها سمو الشيخ حمدان، في الحفاظ على المحميات الطبيعية، وتأهيل المواطن ليكون شريكاً فاعلاً في حراسة بيئته.

حسب متابعتي وملاحظتي، يظهر حضور سموه في المجالس، والفعاليات المجتمعية، والمناسبات الوطنية، كقيادة ميدانية تُصغي وتواكب وتشارك. ومع كل تفاعل مباشر، تنبني حلقة جديدة من حلقات الثقة بين الدولة ومجتمعها، ويترسخ في الوعي أن النهضة مشروع تشاركي، يقوده من الميدان أولئك الذين يحملون المعرفة والحكمة والمسؤولية.

وبجوار هذا الحضور القيادي الميداني، تتجلّى ملامح الشراكة الفكرية والإنسانية في شخصية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، حرم سمو الشيخ حمدان بن زايد، التي تشكل بجهودها المتعددة، وجهاً مضيئاً من أوجه العمل الإنساني والثقافي في الدولة. فبقيادتها لمبادرات رائدة، كمبادرة «عطايا» الخيرية، وإشرافها على برامج داعمة للمرأة والطفل وأصحاب الهمم، تتكامل أدوار القيادة الإماراتية، لتشمل التمكين المجتمعي بجميع أبعاده.

وتشغل سموها مواقع فكرية وإنسانية، تعكس التزاماً عميقاً بقضايا الإنسان، بدءاً من دعم ذوي التوحد والعلاج الطبيعي، وصولاً إلى رعاية الأيتام عبر العالم، وتأسيس مؤسسات متخصصة في الصحة الإنجابية وتعليم الفتيات.

وتبرز سموها قوة ناعمة فاعلة، تعزز من صورة الإمارات على الصعيدين الإنساني والثقافي، وتُجسّد نموذج القيادة النسائية التي تجمع بين العطاء، والبصيرة، والاستدامة الاجتماعية، ضمن رؤية تتسق مع نهج الدولة في تعزيز التلاحم الوطني والتنمية المستدامة.

وهكذا، تتقدّم منطقة الظفرة بنموذج تنموي تتوحّد فيه الرؤية والقرار، وتنبثق فيه كل مبادرة من قراءة دقيقة لحاجات المجتمع، ومن تصميم استراتيجي يحترم خصوصية الأرض والناس، ويؤمن أن التنمية الحقيقية تُقاس بمدى تجذرها في الوجدان، واتساقها مع مشروع الدولة الكبرى.