تحت عنوان لماذا القادم أجمل؟ جاء الدرس التاسع والعشرون من دروس كتاب «علمتني الحياة» الذي أبدعه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حين تدفقت الكلمات في هذا الدرس كما يتدفق النهر المندفع إلى سهول الحياة ليبعث فيها الخضرة والنماء والجمال.

حيث تشيع ملامح السعادة والأمل في كل كلمة كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في هذا الدرس الثمين، والسبب في ذلك هو أن فكرة الأمل والغد الأجمل هي واحدة من أكثر الأفكار رسوخاً في شخصية سموه.

فهو يعيش هذه الحالة الشعورية والعقلية ويجعلها مفتاحاً لتحقيق جميع الأحلام الكبرى التي داعبت روحه منذ طفولته، وظل يستحضرها في ذاكرته ولم يهدأ له بال حتى رآها واقعاً متحققاً يشهد على إيمانه العميق بقيمة الأمل، ورسوخ قناعته بأن الغد دائماً هو الأجمل.

«القادم أجمل، أحب هذه العبارة، وأكررها باستمرار، وأتفاءل بها، نعم، القادم أجمل، لأن الأمل قوة، واليأس كفر، وسوء ظن بأقدار الله»، بهذه الروح القوية المحتدمة يفتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الكلام عن هذه الفكرة الجميلة ذات التأثير الكبير والفاعلية المشهودة داخل الروح الإنسانية.

حيث تعمل على تحريك الطاقة، وتفجير ينابيع الإبداع، وتحريك قوى الخيال، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يكرر هذه العبارة لأن تكرار الأشياء هو شاهد الصدق على حبها وإيثارها، وتوظيفها كطاقة تفاؤل تجعل من الأمل قوة دافعة للأمام.

كما يحاصر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مشاعر اليأس ويجفف منابعه باعتباره محظوراً دينياً يقترب بصاحبه من حدود الكفر، {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} فضلاً عما يورث صاحبه من سوء الظن بالله تعالى، وقد جاء في الحديث القدسي الشريف: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)، فالسعيد من حَسُن ظنه بربه، وتوجه بقلبه إليه، واعتمد بقلبه بالتوكل عليه.

وتزداد ثقة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قوة بالأمل الذي يفتح أبواب السماء فيقول تعزيزاً لما سبق من كلامه: «القادم أجمل، لأن التفاؤل يفتح أبواب السماء، ويغلق أبواب اليأس، ويجعل في كل صعوبة فرصة، وليس في كل فرصة صعوبة».

وواضح ما في كلام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من عمق الثقة بقوة الأمل الذي يفتح أبواب السماء في مقابل مشاعر اليأس التي تغلق كل باب نحو الحياة الجميلة التي ترى في كل صعوبات الحياة نوعاً من الفرص على العكس من الروح المتشائمة اليائسة التي ترى في كل فرصة صعوبة تغلق الباب وتحرم الإنسان من جمال الإحساس بالحياة.

ويرتقي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بمفهوم الأمل ويجعله سويلة لتحقيق المعجزات حيث يقول: «القادم أجمل لأن الحياة علمتني أن الإيمان بالمعجزات هو بداية تحقيقها، والثقة بالذات هي مفتاح قوتها، والحلم بغدٍ أفضل هو سر تحققه في حياتنا»، فعلى هذه الأركان الثلاثة:

الإيمان، والثقة بالذات، والحلم، تقوم رؤية من يمتلك روح التفاؤل التي يشعر معها الإنسان أنه قادر على تحقيق المستحيل، وهذا يعني أن يتبصر المتفائل في حياته وما أتيح له من الظروف التي تجعله يمتلك قوة التفاؤل ولا يستسلم لليأس والإحباط.

بحيث يتشكل في أعماقه شعور أصيل بأنه ذاهب دائماً نحو الأفضل، ليظل الأمل هو القوة الدافعة للروح والإرادة الإنسانية للدخول في قلب المغامرة الدالة على الثقة والشجاعة وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقوله:

«القادم أجمل بإذن الله، لأن من يملك الأمل يملك كل شيء، ومن يفقده فليس بيده شيء، الأمل يعطيك قوة، وإرادة، وعزيمة، وثقة بنفسك، وإيماناً بحكمة ربك، وصبراً على التحديات من حولك».

وترسيخاً لهذا الشعور القوي بقيمة الأمل والثقة بالقادم الأجمل يضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ميزاناً لطبيعة الحياة وأن فكرة الخسارة غير موجودة في حياة الإنسان الذي يمتلك الرؤية والبصيرة، «فالقادم أجمل لأن الحياة إما فوز بالإنجاز، أو تعلم من الأخطاء، لا يوجد خسارة، الأهم هو أن تستمر ولا تيأس ولا تقف».

وإذا كان ما سبق من كلام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قد ينطبق على الشخص المنفرد، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يفتح أفق الأمل على الأمم والشعوب أيضاً، وهو ما عبر عنه بقوله: «علمتني الحياة أن الأمم كالأشخاص، لها وعي وعقل جمعي وثقافة واحدة مشتركة.

الأمم تتفاءل وتتشاءم، وتكبو وتنهض، ويرفعها الأمل، ويدمرها اليأس والقنوط»، وهنا يبرز دور القادة في استنهاض الأمة، وبحسب عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «ودور القادة ليس قيادة التنمية المادية فقط، بل أيضاً إدارة الروح المعنوية للأمة، وتعزيز ثقتها بالله، وإيمانها بقدراتها، وأملها بمستقبل أجمل وأفضل».

أما ميزان الحياة والازدهار في الأمم فهو ما لخصه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقوله: «الأمة التي لا تدفن نفسها في الماضي بل نظرها دائماً للأمام، وتطلعها للأعلى، وطموحها للأفضل، هي أمة حية تنمو وتكبر وتزدهر باستمرار».

إن الأمل وطاقة حب الحياة ليست مجرد مشاعر في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بل هو سلاح الفطرة القوية، وهو سبب الحياة النشيطة السعيدة، وهو الدرس الذي تعلمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من هذه الحياة وعبر عن ذلك بقوله:

«علمتني الحياة أن من يملك الأمل يملك سبباً للحياة، ويملك قوة للتحمل، ويملك صبراً على الشدائد، ولا تموت أمة تحمل سلاح الأمل»، فهذا هو الوعي القوي الأصيل بمفهوم الأمل وأنه ليس مجرد عاطفة جوفاء بل هو السلاح القوي الذي نواجه به الحياة، وننهض به من كبوتنا الحضارية.

وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين أشار إلى «مسبار الأمل» الذي هو أول مسبار عربي إسلامي يصل إلى كوكب المريخ، وأن اختيار هذا الاسم «الأمل» كان اختياراً مقصوداً يحمل إشارة ذكية تبعث الأمل في شعوب المنطقة وأنها في طريق استعادة ذاتها الحضارية واستئناف دورها التاريخي الأصيل.

ولكي لا تبقى دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى إحياء ثقافة الأمل مجرد دعوة مثالية نظرية، يذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تحتفي بالأمل وتطلق الطاقة الإنسانية في هذا الاتجاه، حيث تم إطلاق مؤسسة ضخمة تصل تبرعاتها السنوية لأكثر من 2 مليار درهم هدفها استئناف الحضارة وغرس روح الأمل.

كما تم إطلاق أكبر مبادرة عربية لصناعة الأمل يشارك فيها آلاف الشباب، فضلاً عن تدريب الملايين على لغة المستقبل وهي البرمجة باعتبارها نافذة للأمل بالموازاة مع مشروع نوابغ العرب الذي يفتح أوسع الأبواب أمام الإنسان العربي للدخول إلى ساحة العطاء والإبداع من أوسع الأبواب.

ولكي يصبح الأمل ثقافة بين الناس، يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على أن روح التفاؤل هي روح معدية، وأن غرس بذور الأمل هو من أعظم القربات، لأن بذورها سوف تزهر بساتين من الشباب والشابات المؤمنين بالمعجزات، المتفائلين بالإنجازات، والمتفانين في خدمة المجتمعات، ليعود صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى القادم الأجمل فيقول: «نعم، القادمُ أجمل، لأن الأمة التي تحمل الأمل هي أمة تحمل بذور المستقبل، وهي أمة قوية لا تموت بإذن الله».