هكذا نحنُ أبناء زايد ننشأ على قيم وروح البطولة منذُ الطفولة، ومنذ نعومة أظفارنا، نرى ونسمع ترنم أجدادنا عن مآثرهم في ساحات البذل والشجاعة والإباء والفداء. يترنمون فخراً ببطولاتهم، وهم معتزون بوطنهم، يُبَاهِون بهِ وبتاريخهم وبمواقفهم العظيمة في كل مناسبة بعزةً وإجلال. لطالما رأيتهم يضرمون النار وهم يَتَغَنَّوْن بشجاعتهم وشجاعة أبناء وطنهم، تؤجج النيران جسارتهم وغيرتهم على موطنهم، يصقَلون بُنْادُقِهم ولا ينجَلَّي عَنْهُم الهَمَّ حتى يأخذوا بثأرهم في سَاحَةُ الوَغَى، إن دعا إلى ذلك داعٍ. ومن أجل وطنهم يَخُوضُونَ أصعب المعارك، يَتَغَنَّوْن طرباً وهم يخوضون أصعبها.
ما زلت أتذكر ذاك الموقف الجميل استجابة لنداء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للمتطوعين عام 1990، حيث لبّوا نداء الوطن والواجب، ووقفُوا في صفوفٍ متقابلةٍ لَمْ يَكُنْ هُنَاك فرق فيها بين الكَهل وصغير السن. احتشد الجميع بكل جسارة وشجاعة. وكان جدي، رحمه الله، رغم كبر سنه، يقول لهم بإصرار: ما زلت أقوى من ذي قبل لحماية وطني، وها هو سلاحي في يدي. ذاك العشق العظيم للوطن متأصل ومغروس في القلوب والعقول. شباب متجدد يشعل النيران في صدورهم وهم يترنمون، ولا خوف يَنْتَابهُم.
العمر مجرد رقم في عرف الفرسان الشجعان. لأن الشجاعة تقويما زمني قائم بذاته.
أسد الصحراء
وهنا تحضرني، استطراداً، حالة أحد هؤلاء الفرسان. كان يسمى «أسد الصحراء». إنه المقاوم عمر المختار. فقد أدخل ذلك الرجل الطاعن في السن والمريض، والذي كان يبلغ من العمر حينها 73 عاماً، الرعب في قلوب الإيطاليين، حتى لحظة إعدامه. وعلى رغم أنه كان مُكبَّل اليدين، فقد كانت له عدة صور عظيمة، وأهمها تلك الصورة التي أخذت له وهو في طريقه إلى منصة الإعدام. يا لها من صورة لم ولن ينساها التاريخ، كان رافع الرأس وكأنه على منصات التكريم. حبل المشنقة لم يحرك منهُ ساكناً، فتقدم باذلاً روحه في سبيل وطنه.
ومما يروى في هذا المقام، أن عمر المختار، الطاعن في السن، شيخ الشهداء، قيل له إن إيطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها. فقال: أتحلق فوق العرش أم تحتهُ؟ فقالوا: تحته يا عمر. فقال: مَن فوق العرش معنا فلا يخيفنا ما تحته.
عشق الوطن نعمة
لطالما سمعت على لسان والدي أن المرء لا يعد كاتباً أو شاعراً طالما لم يخط ويُسخر قلمه في عشق موطنه، فكل كلمة لغير الوطن وكل قلم لا ينطق بروح الوطنية هو كالنسر الذي لا يقوى على الطيران، ولا قلب له لينبض أو يخفق مثل باقي النسور، لذا لا يعد نسراً ولا تهابه الطيور.
إن حديثاً عن عشق الوطن شريعة من شرائع الوجود لا جدال فيه، تلك العاطفة النبيلة التي تدق أوتار كرائم النفوس. إن عشق الوطن إنما هو معنى ولفظ نبيل، ويعد لمحة من لمحات الوجدان الذي يقبض به الوجود. إن عشق الوطن نعمة من نعم الله على أهله، ونقمة على أي العدو، أي عدو، إذا فكر أن يمس أو يخدش لو بكلمة واحدة وطناً يعشقه أهله بكل وحب وولاء.
وبهذا المعنى النبيل تقع المسئوليَّة على عاتقنا نحن الكّتاب بأن نَصور للعالم هذا العشق الذي يسكن أرواحنا وقلوبنا تجاه الوطن، وأن وننقل هذه الصورة ونصورها تصويراً دقيقاً. أن نلمس الأعماق ونسبر الأغوار ونجسد للعالم صورة لا مثيل لها، أن تكون كلماتنا مُدَوَّنة في كَتَبَ مُتَعَدِّدَةُ تتناقلها الأمم والأجيال للاِحْتِذَاءَ بِهِا والسَّيْرَ عَلَى مِنْوَالِهاِ. هَكَذَا نُعَطِّي هَذَا الوَطَنِ حقَّه..
الوطن الغالي في قلوبنا، وأختم بكلمةً قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله: تعلمنا من زايد أن حب الوطن عطاء وتضحية وليس كلاماً وشعارات.
وفي الختام
ارفع إلى مقام سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "رئيس دولة– حفظه الله وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي – رعاه الله وإلى أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكّام الإمارات – أيدهم الله
يسرّنا أن أرفع إلى مقام سموّكم الكريم، أسمى آيات التهاني وأصدق التبريكات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، سائلين الله العلي القدير أن يعيده على سموّكم وأنتم ترفلون بثوب الصحة والعافية، وعلى شعب دولة الإمارات بالعزّ والرخاء، وعلى الأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات.
إننا في هذه المناسبة المباركة، نعبر عن بالغ اعتزازنا وفخرنا بما تحققونه من إنجازات وطنية رائدة، وما تبذلونه من جهودٍ حثيثة لتعزيز مكانة دولة الإمارات على الساحتين الإقليمية والدولية، في ظل قيادتنا الرشيدة
اللهم احفظ دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، وأدم عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار. اللهم احفظ قادتنا وولي أمرنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وبارك في عمره وعمله، وسدد خطاه.
وكل عام وسموّكم بخير، وعيدكم مبارك.