المرأة ترفع فريق العمل

إذا ضم فريق عمل عناصر نسائية فسيرتفع مستوى الذكاء الجماعي لديه، لأنه كلما زاد التنوع المعرفي والانفعالي بين أعضاء الفريق، ارتفعت معه مقدرة المجموعة على التفاعل البناء، واتخاذ قرارات متوازنة وشاملة، هذا ما توصل إليه علماء من جامعة كادنيغي ميلون، ومعهد أم آي تي في بوسطن.

ونشرت دراستهم مجلة هارفارد بزنس ريفيو في نسختها المنشورة في عام 2011.

ونفت الدراسة الاعتقاد الشائع بأن فريق العمل إذا ما ضم أناساً أذكياء يصبح أداؤهم كذلك، فبعد أن درس العلماء جيداً عينة من المشاركين، من أعمار تتراوح بين 18 و60 سنة، وقدموا إليهم اختبارات ذكاء موحدة، ووضعوهم عشوائياً في فرق عمل، وطلبوا من كل فريق إكمال مجموعة من المهام تتضمن عصفاً ذهنياً، واتخاذ قرارات معينة وحل مشكلات معقدة توصلوا في نهاية المطاف إلى أن ذكاء الأفراد المشاركين كل على حدة ليس هو الذي يرفع مستوى ذكاء الفريق الواحد بل النساء هن من يفعلن ذلك، لما يتحلون به من مرونة ذهنية واستعداد للتعاون، وهو ما ينعكس على حيوية الجماعة ومخرجاتها.

ولذلك قال أحد الباحثين المشاركين في الدراسة إنه يفضل أن يراعي الناس حسن اختيار فريق عمل متجانس ومتنوع من الجنسين حتى يحقق المشاركون فيه أفضل نتيجة ممكنة.

وليس هذا فحسب، بل إن المرأة لديها قدرات عقلية عديدة، يمكن أن تثري بها فريق العمل، وآلية تفكير المشاركين فيه، منها تمتعها بقوة الملاحظة، وسرعة الانتباه للتفاصيل الدقيقة، التي قد تغيب عن أذهان الرجال، الأمر الذي يجعلها أكثر كفاءة في المهام التي تستدعي دقة مرتفعة وانتباهاً مستمراً، وربما هذا أحد الأسباب التي دفعت المسؤولين في المطارات إلى وضع نساء ليراقبن حقائب المسافرين، التي تمرر من تحت أجهزة الكشف الآلي.

كما وجد علماء آخرون أن المنطقة المسؤولة عن العاطفة لدى النساء تتفاعل بصورة أكبر من الرجل عندما تحاول التحدث أو اتخاذ قرارات معينة، وهي أمور جيدة تساعدها على مراعاة الجوانب العاطفية في الموضوع محل النقاش، كما تستخدم المرأة جانبي دماغها أثناء التفكير، ويمكنها القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد كالاستماع إلى نقاشين يجريان في نفس اللحظة، وهذه مهارات تنمي قدرات الفريق وأعضائه.

ولا ننكر أن المجتمعات التي أتاحت للمرأة فرصاً متكافئة لمسنا فيها تطوراً ملموساً في الأداء المؤسسي والإبداع، وفي عصرنا هذا صارت المرأة تتبوأ أعلى المناصب القيادية سفيرة ورئيسة وزراء وحاكمة، وحتى في سالف الأزمان، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يستشير المرأة لرجاحة عقلها.

ألم تقل الشعوب في أمثالها المتواترة «وراء كل رجل عظيم امرأة»، ذلك أن التمكين الحقيقي لا يكون بشعارات جوفاء، بل باختيار عناصر تتحلى بالكفاءة من دون تمييز أو تحيز لجنس أو غيره، ولنكن صريحين فمعشر الرجال هم من يسيئون إلى المرأة حينما يعاملونها بنظام «الكوتة النسائية» أو الحصة الواجبة في فرق العمل، كأن نحرص أن «نحشر» امرأة غير موهوبة أو غير متخصصة في فريق عمل لمجرد أن كل مؤهلاتها هي أنها امرأة! هذا النظام يسيء إلى فريق العمل والمرأة نفسها، لأن الناس سوف تأخذ انطباعاً سلبياً عنها، وربما يصرف البعض النظر كلية عن فكرة ضم النساء مستقبلاً في فرق العمل أو غيرها.

لقد أظهرت التجارب العالمية أن انضمام النساء المؤهلات إلى فرق العمل يحقق نتائج تفوق تلك التي تقتصر على وجود عناصر ذكورية سواء في الأداء الإبداعي أو الإداري، ولذا إذا أردت أن تخدم النساء فاختر أفضلهن حتى تُذكي المرأة في فريق العمل روح الحماسة، وتسهم مع قدراتها المتعددة في رفع سقف الذكاء الجماعي في الفريق، ولكي تضع مساهمتها المتميزة صورة ذهنية إيجابية عنها في أذهاننا نحن معاشر الرجال، إذ ما زال بعضنا، مع الأسف الشديد، يفكر ألف مرة قبل ضم أنثى إلى صفوف فريق عمله!