هناك نوعان من المهنيين، سوف تحتاجين إليهما طوال حياتك: المحامي والمحاسب.. أنصتي لهما جيداً، ولكن لا تدعيهما يتخذان قرارات نيابة عنك. ولذلك ظلت تلك النصيحة عالقة في ذهنها لعقود طويلة.
نجد التخبط يحدث مع من لم يأخذ حظه الكافي من الخبرة العملية، فيقفز بعد إلحاحه إلى كرسي المدير، قبل أن يتعلم جيداً أبجديات الإدارة.. أما القيادي الحكيم، الذي جمع من المعلومات والآراء والرؤى ما يكفي لاتخاذ قرارات تجني ثمارها المؤسسة لاحقاً، فلن يتردد في اتخاذ ما يراه في مصلحتها.
لكن المسؤول الشجاع الذي بذل ما في وسعه لدراسة الموضوع، ستجده يميل نحو تعديل بنود المخاطرة، وإضافة الضمانات اللازمة، ثم يتخذ قراره بالتوقيع.. بعد عام، ستنعم شركته في العمل في ثلاثة أسواق، وستتضاعف إيراداته، لأنه لم يطبق ما قاله المحامي حرفياً.
هناك محامون أذكياء، تعاملت شخصياً معهم في المنطقة العربية، وفي الولايات المتحدة وآسيا، وآخرين يؤثرون السلامة، لأن نجاحنا التجاري لا يعود بمردود مباشر على جيوبهم.. وهنا مكمن الخطر عند الإفراط في الاستناد على رأي قانوني، لم يجتهد في البحث عن مخارج تراعي الجوانب التجارية ومستقبل الشركة.
هناك مشاريع تسويقية، كالرعايات المدروسة، ليس لها أثر مادي ملموس، لكن وقعها السوقي يتجلى أثره بعد حين.. هذه الحالة لا يحبذها بعض المحاسبين، لأنها تتعارض مع طبيعة عملهم الرقمية.
قد ينجح المحاسب في ذلك، لكنه في الواقع يضر المؤسسة التي اؤتمن عليها، علاوة على أنه ليس من مهامه الدخول في صلاحيات كبار القياديين.. كل ما عليه أن يضع رأيه الفني، ويمضي، لا أن يمارس الضغط والتهويل والابتزاز المعنوي غير المباشر.
والمفارقة المنسية، أن أحداً من المستشارين لن يتحمل تداعيات القرارات، لأن المسؤولية مناطة بمتخذ القرار وحده. تبقى نصيحة والد لبني العليان، درساً قيادياً عملياً: استمع، لكن لا تتنازل عن قرارك.. ولعل هذا ما جعل لبنى تُمازح زوجها المحامي بقولها، إن والدي أوصاني ألا أترك المحامي يتخذ قرارات نيابة عني!