الإبداع: روح التنمية وأداة التميز

يُعد الإبداع جوهر النهضة البشرية، وركيزة من ركائز تطور المجتمعات وتقدّمها. فهو لا يقتصر على الابتكارات التقنية، أو الاختراعات العلمية، بل يمتد ليشمل جميع مجالات الحياة، وبالأخص الجانب الثقافي والفني. حيث يتجلّى الحس الإنساني، ويتشكّل الوعي الجمعي، ويُصاغ وجدان الأمة. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية الإبداع بوصفه أداة لبناء الهوية، وتحقيق التميز، وتعزيز مكانة الدول في خارطة الثقافة العالمية.

لقد أدركت دولة الإمارات منذ نشأتها، أهمية الإبداع، فوضعت له أسساً راسخة في رؤاها واستراتيجياتها التنموية. ومع دخول الألفية الجديدة، أصبح دعم الإبداع ركناً أساسياً في مختلف السياسات الوطنية. لا سيما مع إطلاق «رؤية الإمارات 2021»، ثم «مئوية الإمارات 2071».

حيث تم التأكيد على بناء اقتصاد معرفي، وإرساء مجتمع حيوي مبدع، يستند إلى الثقافة والفنون والمعرفة. وفي السنوات الأخيرة، اتخذت الدولة خطوات نوعية لترسيخ بيئة حاضنة للإبداع.

عبر إطلاق جوائز ومبادرات تستهدف تحفيز الطاقات الخلاقة، مثل «جائزة الشيخ محمد بن راشد للإبداع الرياضي»، و«جائزة الشيخ زايد للكتاب»، و«جوائز الشيخة فاطمة بنت مبارك للتميز والذكاء المجتمعي»، و«جائزة الشارقة للإبداع العربي»، والقائمة تطول. إلى جانب احتضان الفعاليات الثقافية والفنية الكبرى، مثل معرض «آرت دبي»، و«بينالي الشارقة»، ومهرجانات المسرح والشعر والسينما، والتي باتت منصات دولية لتبادل الإبداع وتلاقي الحضارات.

كما عملت المؤسسات الثقافية والفنية في الإمارات، مثل «هيئة الثقافة والفنون في دبي»، و«دائرة الثقافة في الشارقة»، و«المجمع الثقافي في أبوظبي»، على دعم الفنانين والمبدعين. وتوفير المساحات التي تتيح لهم التجريب والإنتاج، وإيصال نتاجهم إلى جمهور محلي وعالمي.

إن التركيز على الإبداع لا يعني فقط دعم الأفراد الموهوبين، بل يتجاوز ذلك ليكون استثماراً استراتيجياً في رأس المال البشري، وتأسيساً لمجتمع متسامح ومنفتح ومتعدد الأصوات، قادر على التفاعل مع العصر، دون أن يتخلى عن جذوره.

في المحصلة، فإن دولة الإمارات تمثل نموذجاً ريادياً في دمج الإبداع ضمن منظومتها التنموية. واضعة الثقافة والفنون في صدارة أولوياتها. إيماناً منها بأن الأمم التي تكرّم مبدعيها، وتصنع الفضاءات لأفكارهم، هي الأمم التي تكتب لنفسها مستقبلاً مشرقاً ومبهراً.