قد يشوب العلاقة الزوجية في بعض الأحيان ما يعكر صفوها سواءً من جانب الزوج أو الزوجة أو كلاهما معاً فتتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق فيكون الطلاق هو السبيل الوحيد لحل هذه الرابطة ، وتتنوع أسباب الطلاق بين الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها على سبيل المثال غياب التفاهم بين الزوجين، وعدم الإنفاق واختلاف المستوى الإجتماعي بين الزوجين واهمال الحقوق والواجبات الزوجية ويُعد الطلاق من الظواهر الإجتماعية التي شهدت تزايدًا ملحوظًا في مجتمعنا في السنوات الأخيرة، وهو قرار مصيري يُنهي العلاقة الزوجية بسبب تراكم الخلافات واستحالة استمرار الحياة المشتركة التي يفترض أن تقوم على المودة والتفاهم وتحمل المسؤولية، ويمكن القول بأن التغيرات التي طرأت على المجتمع بسبب انتشار وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مرعب أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة التي باتت تهدد كيان الأسرة وازدياد الفجوة بين الزوجين وشغلت المرأة قبل الرجل عن بعض الحقوق الزوجية بل أصبحت طريقاً سهلاً لإرتكاب المحرمات مثل الخيانة الزوجية التي هي سبب رئيسي من أسباب الطلاق ، وقد شرعه الله تعالى كحل أخير بعد استنفاد جميع وسائل الإصلاح ، وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى"وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ " سورة البقرة الآية 231 .
وهناك العديد من الآثار السلبية للطلاق على الأسرة والمجتمع أهمها التفكك الأسري وانفراد كل من الزوجين في سكن منفصل عن الآخر وحرمان الأولاد من رعاية الوالدين معاً ، زيادة على ذلك تشتيت الأولاد بين الزوجين بسبب نزاعاتهم التي تصل إلى المحاكم مما يؤثر سلباً على نفسية وسلوكيات الأبناء ويؤدي إلى ضعف تحصيلهم الدراسي وانهيار الثقة بالنفس والعزلة الإجتماعية كما تمتد تلك الآثار السلبية إلى عائلتي الزوجين ، كما يضر الطلاق بتماسك المجتمع لأنه يهدم اللبنة الأساسية فيه وهي الأسرة.
أجاز المشرع الإماراتي للزوجة الحق في طلب التطليق اذا امتنع الزوج عن الإنفاق عليها أو تعذر استيفاء النفقة منه حيث تمهله المحكمة مدة لا تزيد على ثلاثون يوماً فإذا امتنع عن السداد دون أن يبدي عذراً طلقت عليه المحكمة، كذلك للزوجة طلب التطليق بسبب غياب زوجها المعروف موطنه أو محل إقامته إذا غاب عنها مدة لا تقل عن ستة أشهر ولو كان له مال يمكن استيفاء النفقة منه ، مالم تكن الغيبة بسبب عمل، كما اعطى الحق لكلا الزوجين في طلب التطليق للضرر في حال ادمان الزوج تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المسكرات ، وفي حال أقام أحد الزوجين الدعوى أمام المحكمة بطلب التطليق وعجز عن اثبات الضرر واستمر الشقاق بين الزوجين فللمتضرر منهما أن يرفع دعوى جديدة بعد صيرورة الحكم باتاً أو بعد ستة أشهر من صدور الحكم الإبتدائي أيهما أبعد مالم يحدث ضرر جديد يوجب الفسخ .
قد يكون الطلاق حلاً ضرورياً في بعض الحالات، إلا أن آثاره لا تقتصر على الزوجين فقط، بل تمتد لتشمل الأولاد الذين يكونون أكثر الفئات تضرراً من هذا الانفصال، كما يثير موضوع الحضانة كثيراً من الجدل القانوني والعاطفي، حيث يُطرح سؤال مهم: من الأحق بتربية الأولاد بعد الانفصال؟ لقد أشار المشرع الإماراتي إلى أن الحضانة حق للطفل وهي على الوالدين مادامت الزوجية قائمة بينهما فإن افترقا فتكون الحضانة للأم ثم الأب ثم أم الأم ثم أم الأب ، أما إذا اتم المحضون الخامسة عشرة من عمره فله الإختيار في الإقامة لدى أحد والديه مالم تقتضي مصلحة المحضون خلاف ذلك ، وتنتهي الحضانة ببلوغ المحضون سن الثامنة عشرة ميلادية، مع أحقية المحضون الذي بلغ الثامنة عشرة الإحتفاظ بجواز سفره ، ولقد أجازت المادة رقم 116 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 41 لسنة 2024 للحاضن من الوالدين السفر بالمحضون إلى خارج الدولة بموافقة خطية من الوالد الآخر، وللمحكمة أن تأذن للحاضن من أحد الوالدين بالسفر بالمحضون لمدة أو مدد لا يتجاوز مجموعها 60 يوماً في السنة بضمان تقبله المحكمة يضمن عودة المحضون .
- واستحدث القانون سالف الإشارة إليه نص عقابي لكل من اساء أو تعدى أو أهمل أو رفض رعاية والديه أو أحدهما أو تركهما دون رعاية مع قدرته على ذلك ، أو امتنع عن الإنفاق على والديه أو أحدهما متى كانت نفقتهما واجبة عليه بموجب حكم قضائي فيعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم ولا تزيد على 10,000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين .
ونرى أن قانون الأحوال الشخصية الجديد قد جاء لتعزيز الإستقرار الأسري وحماية حقوق الأسرة أثناء قيام الرابطة الزوجية أو في حال انقضائها لأي سبب من الأسباب المنصوص عليها قانوناً.