اتفق علماء الجغرافيا السياسية أن طبيعة جغرافيا الأرض اليمنية هي من أقسى وأعقد وأصعب الطبوغرافيا الأرضية في مسارح القتال في العالم. وكما يقول القائد التاريخي ونستون تشرشل كأن الأرض، أي أرض، تقاتل إلى جانب أصحابها. ومنذ عدة أشهر ونحن نتابع مسلسل عمليات قصف جوي وصاروخي على أهداف منتقاة في اليمن، وفي تلك المناطق الذي يسيطر عليها الحوثيون.
هذا القصف بدأ بطائرات أمريكية وبريطانية، ثم توقفت بعد المفاوضات السرية، التي تمت برعاية عمانية في مسقط، ونصت على الآتي:
1 - تتعهد قوات الحوثي بعدم مهاجمة الأهداف والسفن الغربية في خليج عدن والبحر الأحمر.
2 - مقابل هذا التعهد تتوقف الطائرات الأمريكية والبريطانية عن قصف أي أهداف حوثية.
وفُهم ضمناً من هذا الاتفاق أنه قاصر على الطرفين، الحوثي من ناحية، والأمريكي البريطاني من ناحية أخرى، ولكن تجاهل نص الاتفاق، بناء على طلب الحوثي، أي تعهد يمني بالتوقف عن مهاجمة أهداف إسرائيلية أو التوقف عن إطلاق أي صواريخ باليستية ضد الأراضي الإسرائيلية من فلسطين المحتلة.
وبعد ساعات من إعلان هذا الاتفاق، صعدت صنعاء تهديد أهداف إسرائيلية، وتحديداً مطار تل أبيب وموانئ حيفا وإيلات.
منذ ساعات عادت الغارات الإسرائيلية المكثفة على مطار صنعاء، وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها دمرت آخر طائرة يمنية مدنية في مطار صنعاء قيد الاستخدام المدني. وتركز إسرائيل في ضرباتها حتى الآن على المطارات والموانئ من أجل حجب ومنع وصول أي سلاح أو إمدادات إيرانية جديدة إلى ميليشيا الحوثي.
تعرف تل أبيب وواشنطن أو لندن أن تاريخ المواجهات العسكرية تاريخياً يثبت أنه يستحيل إنهاء «الحوثي»، بسبب الطبيعة الجغرافية، وأن من يريد أن يسيطر على صنعاء عليه أن يخوض حرباً برية قاسية وطويلة، وغير مضمونة، بسبب وعورة الكهوف في الجبال، وشراسة الطبيعة. إنها حرب إسكات وإضعاف، ولكن ليست حرباً للإنهاء!