الحسابات الحمقاء

ثبت بالتجربة العملية أن الهند وباكستان تدركان إدراكاً عميقاً أن استمرار تصعيد أي مناوشات حدودية في إقليم كشمير قد تتدحرج وتتطور إلى حرب محدودة أو شاملة ذات تكاليف لا يقدران عليها. من هنا وكما يقول نابليون بونابرت لجنوده: «القائد الذي لا يعرف متى ينسحب تكتيكياً لا يعرف كيف يفوز في نهاية الأمر».

الحرب أكثر الأعمال التي تدل على فشل العمل السياسي والدبلوماسي، وهي كما يقولون أحد أشكال السياسة، ولكن بأعلى تكلفة مادية وبشرية.

وما نشاهده ونعاني منه هذه الأيام في صراعات المنطقة من الحرب الأهلية في السودان إلى الحرب الروسية والمعارك في ليبيا هي نموذج للعبث المكلف المدمر للبلاد والعباد، وما نشاهده ونعاني منه كذلك في اليمن من الحوثي، وفي غزة من حماس، وفي لبنان من حزب الله، وفي سوريا من الميليشيات المتطرفة هو نوع من «العناد السياسي» شديد التكلفة، الذي يسعى إلى التصعيد العسكري غير المحسوب استراتيجياً، ولا يتناسب مع التوازنات الإقليمية والدولية الحالية.

ويأتي رهان بيبي نتنياهو على اتباع سياسة حافة الهاوية من أجل مجاراة ومهادنة التيار اليميني الليكودي المؤتلف معه في الحكومة، والذي يوفر له الأغلبية اللازمة في الاستمرار بالحكم كونه أكثر الحسابات الحمقاء في صراعات المنطقة، والتي تنذر بضياع آخر أمل في سلام المنطقة.