حكاية سيد حجاب شاعر «ليالي الحلمية»


منين نجيب الشجن.. من اختلاف الزمن
ومنين نجيب الهوى.. من ائتلاف الهوى
ومنين بيجي السواد.. من الطمع والعناد
ومنين بيجي الرضا.. من الإيمان بالقضا

هذه الكلمات الجميلة التي رافقت مسلسل «ليالي الحلمية» الخالد كشارة بصوت المطرب محمد الحلو وألحان ميشيل المصري، هي لشاعر العامية المصرية الراحل سيد حجاب.

وكالعادة، شاهد ملايين العرب هذا المسلسل الجميل بأجزائه الستة، واستمتعوا بقصته التي كتبها المبدع أسامة أنور عكاشة ولا يزال الكثيرون منهم يتذكرونه ويعيدون مشاهدته، ويحفظون عن ظهر قلب أسماء أبطاله وأدوارهم فيها، وقد يذكرون لك أيضاً اسم مخرجه إسماعيل عبد الحافظ لكن القلة منهم تعرف اسم كاتب كلمات شارة العمل، التي كانت سبباً من أسباب نجاح وشهرة المسلسل.

والشاعر سيد حجاب لم ينظم أغنية ليالي الحلمية فقط، وإنما نظم أيضاً كلمات الشارات التي رافقت مسلسلات تلفزيونية شهيرة أخرى، لعل أهمها من ناحية الجماهيرية والإقبال مسلسلات: «أرابيسك» و«بوابة الحلواني» و«العائلة» و«الوسية» و«أميرة في عابدين» و«المال والبنون» و«الشهد والدموع».

كما كتب كلمات أغاني عدد من المسرحيات الشهيرة مثل: «الواد سيد الشغال» و«دنيا البيانولا» و«أولاد ريا وسكينة» و«حدث في أكتوبر»، وغنى من كلماته عبد المنعم مدبولي وصفاء أبو السعود وعفاف راضي وعلي الحجار وسميرة سعيد ومحمد منير ومدحت صالح وغيرهم.

وقد اعترف أنه تأثر في قصائده بالشاعر أحمد رامي وبيرم التونسي وفوزي العنتيل وصلاح جاهين وصلاح عبد الصبور.

ولد الشاعر الشعبي سيد حجاب في مركز المطرية بمحافظة الدقهلية بتاريخ 23 سبتمبر 1940 وتوفي في القاهرة بتاريخ 25 يناير 2017 من بعد حياة حافلة بالإنجازات الشعرية بالعامية المصرية، وتقلبات فكرية سياسية أودت به ذات مرة إلى المعتقل في العهد الناصري، وصداقات ورفقة عمر مع رموز شعرية وفنية مصرية كان لهم تأثير واضح على بروزه وأعماله من أمثال مواطنه وابن بلدته الفنان التشكيلي عبد المنعم السحراوي، وزميله الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي قدمه لصلاح جاهين وكرم مطاوع، وتجربة في الكتابة للأطفال في مجلتي «سمير» و«ميكي» خلال الفترة من 1964 و1967م، ووظائف شملت عمله باحثاً بالإدارة النقابية بهيئة المسرح، وعمله رئيساً للقسم الفني والأدبي بمجلة «الشباب»، ومشاركات فنية في الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال الإذاعية والسينمائية والتلفزيونية، وحصوله على العضوية بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ونيله جائزة كافافيس الدولية.

من الألقاب التي التصقت باسمه، بسبب موهبته في كتاب قصائد عامية معبرة عن أفراح وأحزان مواطنيه: «ساحر الكلمات» و«ملك التترات» و«صائد الأبيات».

أما الغريب، والذي قد لا يعرفه البعض عن حجاب، فهو أنه التحق بقسم المناجم بكلية الهندسة في جامعة الإسكندرية بدلاً من الالتحاق بكلية الآداب، لكنه لم يواصل تعليمه وهجر المناجم والهندسة في سنته الثانية بسبب شغفه بالأدب والشعر والمسرح والفن، ولذا التحق بقسم الدراسات المسرحية الحرة، حيث تتلمذ على يد أساتذة كبار مثل الدكتور محمد مندور، وسجل عنه امتنانه الكبير لوالده الذي شجعه على كتابة الشعر منذ طفولته، وكان يستمع إلى أشعاره الأولى ويصفق له ويعلمه الكثير من أمثال وحكم الأولين، كما نقل عنه حديثاً عن أمه التي لم تكن قاسية عليه، لكنها كانت صارمة بسبب أعبائها المنزلية الكبيرة ومسؤوليتها عن تدبير حياة 9 أشقاء لزوجها الموظف الحكومي الصغير.

وروى البعض عنه تعلقه بالأماكن والبيوت، والطبيعة التي قال عنها إنها تخاطب الإنسان وتبعث له وبالمحيطين به رسائل دائمة.