وربما كان الشعراء وأصحاب المواهب الفنية الأخرى هم من أقدر الناس على رسم الصورة الجمالية لأي فكرة تخطر في بالهم وبلغة مميزة تلفت النظر وتؤثر في القارئ والسامع والمتذوق على حدٍ سواء.
إن العنصر الجمالي في جميع المشاريع والاختيارات التي أنجزها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو من أبرز عناصر الجاذبية فيما يختاره صاحب السمو، حتى الخيل التي يختارها تكون في قمة الجاذبية الجمالية فضلاً عن قوتها الجلالية، فلأجل هذا أصبح المطلب الجماليُ واحداً من أهم عناصر التفكير والإبداع في شخصية صاحب السمو في مسيرته الرائعة في بناء الوطن والإنسان.
ففي القسم الأول يمكن قياس جمال أي لوحة فنية من خلال جهتين اثنتين: جهة حسية تتمثل في جمال الألوان ودقة الأشكال وروعة التفاصيل التي تراها العين، وجهة معنوية تتمثل في الرسالة والمغزى والفكرة التي توحي بها اللوحة الفنية.
«من جهة جمال عمرانها، حيث روعة المعمار، وجمالية البناء، ودقة التفاصيل ونظافة المدينة والشوارع، واتساق كل ذلك ضمن لوحة فنية جميلة، ومن جهة سياساتها وقوانينها، حيث العدالة والشفافية، والمصداقية والنظام، ومن جهة أخلاقها، حيث الرحمة والتسامح والتعاون، وحب الخير والمحبة»
فالتركيز يكون دائماً على المعطيات الحسية للفن، لكن هذه اللفتة الأخلاقية الجمالية من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هي من أروع ما يمكن إضافته إلى معايير التقويم الجمالي للمدن وفن العمارة.
يقول صاحب السمو:«عبر ستة عقود جمعت الكثير من اللوحات والأعمال الفنية لأني أحب الجمال، وحاولت رسم لوحة واقعية واحدة اسمها: دبي»؛ لتأتي بعد هذه الكلمات روعة التفاصيل التي أبدع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في صياغتها بلغة جمالية قال فيها:
«أردتها مدينة جميلة بكل تفاصيلها، حيث الشوارع الواسعة، والحدائق البديعة، والشواطئ الجميلة، والمباني الفريدة، ومحطات القطار التي تشبه مركبات الفضاء، والجزر الساحرة، والأسواق الرائعة، وغيرها» فهذا هو البُعد الجمالي العمراني الحسي من مدينة دبي حيث رسم لها صاحب السمو هذه اللوحة الجميلة الرائعة التفاصيل لينتقل بعد ذلك إلى المعيار التنظيمي والقانوني في جمال دبي، حيث يقول:
«أردتها جميلة بأنظمتها وقوانينها، حيث العدالة للجميع، والمصداقية في كل السياسات، والنظام أساس حركة الحياة فيها» وأما معيارها الجمالي الأخلاقي فقد عبر عنه صاحب السمو بقوله: «وأردتها جميلة بأخلاقها وقيمها، حيث الرحمة في جميع تعاملاتها، والتسامح يجمع قلوب كل من عليها، والعطاء وحب الخير جزءٌ من تكوينها ونهجها وأعمالها الدائمة».
وهذا إنجازٌ غير مسبوق يُذكِرُنا بالمدن الجميلة التي تحمل إيحاءً خاصاً يمنح البُعد الجمالي قيمة فريدة في تحفيز الإنسان، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقوله:
«البيئة الجميلة تحفز الخيال، وتُطلق الإبداع، وتزيد الإنتاج، وتحقق الاتزان الداخلي والخارجي للإنسان» لأن الجمال العمراني والأخلاقي – والكلام لصاحب السمو – هو أساسُ أي بيئة تسعى لخلق الانسجام والسلام للإنسان، لأن فطرة الإنسان تحب الجمال وتنجذب إليه.
«جميلٌ في صفاته وذاته وأفعاله وأسمائه، ويحبُ الجمال في الخلق والأخلاق والأقوال والأعمال، وعندما نسعى لخلق بيئةٍ جميلة فإننا نحقق مراد الله تعالى في عمارة هذه الأرض بما يُحِب».
حيث يراهن صاحب السمو على أن هذه المدينة ستكون نموذجاً يُحتذى في الأمل والرحمة والتسامح والتعايش في مواجهة عالم مليءٍ بالقُبح والكراهية والصراعات والعنف واليأس، لتبقى لوحة دبي هي الأجمل وتنطق حروفها بكلماتٍ متوهجة ختم بها صاحب السمو هذا الدرس حين قال: «نعم، الجمال يقترن بخلاص البشر، ويقترن بالسلام داخل كل إنسان، ويقترن بالحياة الأفضل التي يتمناها كل مجتمع»، ليوافق مرة أخرى تلك اللمحة الفلسفية الرائعة: «نعم، الجمال سيخلص العالم».