اليهودية «إستر شطاح» مع السينما المصرية

عند الحديث عن اليهوديات العربيات اللواتي اقتحمن السينما المصرية وحققن فيها نجاحاً، لا يمكن تجاوز اسم إستر شطاح، التي تعلمت الفن على يد جورج أبيض وسلامة حجازي، وعرفت محمد عبدالوهاب وهو صبي يعمل في فرقة عبدالرحمن رشدي في عام 1917، بل توسطت له دون نجاح عند رشدي كي يظهر على المسرح قبل المطربة فاطمة قدري.

ولدت شطاح سنة 1884 بدمشق، وقد أكدت بنفسها ذلك لمحرر دار الهلال في منتصف الستينيات، حينما كانت أرملة ولديها ابن وحيد وتسكن في 147 شارع محمد علي بالقلعة.

وقتها أدلت بمعلومات مفصلة عن نفسها، فقالت إن اسمها الحقيقي هو طيرة موسى شطاح، وطولها 160 سم ووزنها 55 كلغم، ولون شعرها كستنائي، وهوايتها أشغال التريكوه والإبرة، وحكمتها المفضلة «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به»، وأمنيتها أن تعيش معززة مكرمة إلى آخر يوم في حياتها.

من المعلومات الأخرى عنها أنها هاجرت إلى مصر من سوريا مع أسرتها بعد كساد تجارة والدها، وهي في سن العشرين.

وفي مصر تقلبت في مهن مختلفة، منها عاملة في مشغل للأعمال اليدوية، وبائعة في محل للأقمشة، ومساعدة لخياطة أرمينية يهودية تدعى «مدام إلينا»، وقد أتاح لها عملها الأخير فرصة التعرف على زوجة أحد أعضاء فرقة الجوق المصري، فكان ذلك بوابتها للاشتغال بالفن، الذي دخلته وعمرها 53 سنة.

كانت بداياتها العمل ممثلة في فرقة إسكندر فرح، ومنها انطلقت إلى فرقة جورج أبيض، الذي رحب بها بسبب حاجته الماسة آنذاك إلى سيدات للتمثيل.

وهكذا شاركت شطاح جورج أبيض في 3 روايات، أشهرها «لويس الحادي عشر»، محققة نجاحاً مشهوداً، ما دفع «عبدالرزاق عنايت»، ممول فرقة الشيخ سلامة حجازي، لطلبها للعمل معه، فوافقت من بعد تردد لتشتهر أكثر فأكثر، خصوصاً بعد ظهورها في مسرحيتي «شهداء الغرام»، و«صلاح الدين الأيوبي».

ولشدة اهتمام سلامة حجازي بموهبتها خرجت شائعات تقول إن بينهما علاقة عاطفية.

وحينما لم تنجح في نفي تلك الشائعات قررت ترك العمل مع حجازي والانتقال سنة 1917 إلى فرقة عبدالرحمن رشدي.

ظلت شطاح تنتقل من فرقة مسرحية إلى أخرى محققة في كل محطة نجاحاً لافتاً، ومبرهنة في كل الأوقات دفاعها عن حقوقها المادية وعدم التنازل عنها لأي سبب.

ومن شواهد ذلك أنها حجزت على شباك تذاكر فرقة نجيب الريحاني بعدما أفلست الفرقة دون أن تسدد لها مستحقاتها.

سينمائياً، تأخرت شطاح كثيراً، إذ كان أول ظهور لها على الشاشة في عام 1939 من خلال فيلم «تينا وونع» من بطولة وإنتاج وإخراج أمينة محمد، ثم فيلم الحب الموريستاني للمخرج ماريو فولبي، ثم فيلم «رباب» للمخرج أحمد جلال، لكنها بحلول عام 1946 كانت قد ثبتت قدميها في السينما، بدليل ظهورها ما بين عامي 1945 و1946 في 11 فيلماً.

ولأنها دخلت السينما في سن متأخرة، فإن المخرجين حصروها في أدوار الأم، والعجوز الشمطاء، والهانم الأرستقراطية، والدادة، والجارة، والعمة والجدة، والخادمة.

ولعل من أبرز أدوارها دور زوجة السيد أبوالوفا (عبدالوارث عسر) في فيلم «سلامة» أمام أم كلثوم.

وفي الفترة من عام 1949 حتى تاريخ وفاتها في يناير 1971 شاركت في 21 فيلماً من إخراج كبار المخرجين، من أمثال إبراهيم عمارة وبركات ونيازي مصطفى وفطين عبدالوهاب وحسن الإمام وحلمي رفلة.

وأخيراً، فإن شطاح من الفنانات المصريات اليهوديات اللواتي لم ينشغلن بالتقلبات السياسية في الحياة المصرية، بدليل رفضها الهجرة إلى إسرائيل أو أي مكان آخر، حيث أصرت على العيش في مسكنها بالقاهرة متحملة الفاقة الناجمة عن قلة الطلب الفني عليها إلى درجة أنها كانت تبيع أثاث سكنها قطعة قطعة حتى لم يتبق لها سوى كنبة كانت تتخذها سريراً في الليل، ومقعداً في النهار.