علاقة أم كلثوم بالسنباطي ولماذا اختلفا؟

 أم كلثوم
أم كلثوم
 رياض السنباطي
رياض السنباطي

المعروف أن الموسيقار رياض السنباطي (1906 ــ 1981) شكل على مدى عقود من الزمن ثلاثياً ناجحاً مع السيدة أم كلثوم والشاعر أحمد رامي.

هو يضع الألحان الرائعة، وهي تغني بصوتها الجبار، ورامي يكتب أعذب الكلمات. لكن كيف ومتى بدأت علاقة «الست» مع السنباطي؟

الحقيقة أن السنباطي شق طريقه في عالم الموسيقى في عشرينات القرن العشرين بمساعدة والده المقرئ ومغني الموالد والأفراح الشيخ محمد السنباطي، ثم نزح مع أبيه من قريته في المنصورة إلى القاهرة، حيث دخل معهد الموسيقى العربية، ليس بصفة طالب، لأن ممتحينه وجدوا أن قدراته أكبر من ذلك، فقرروا تعيينه أستاذاً للعود.

ومع مطلع الثلاثينات، وبعدما ذاع صيته كعازف عود فذ، قرر أن يدخل عالم التلحين ليقدم شيئاً مختلفاً. وبالفعل، لم يمر سوى وقت قصير، إلا وشهرة السنباطي تغزو الأوساط الغنائية كملحن بارع تختلف موسيقاه عن موسيقى من حوله.

وقتها كان صاحبنا يأمل في الانضمام إلى من يلحنون لأم كلثوم، بينما كانت الأخيرة قد نضجت فنياً وعمرياً، وتأمل في التجديد وتقديم شيء مختلف يخرجها من دائرة الموشحات والأغاني التقليدية.

وهكذا التقت الإرادتان، وكان الاتصال بينهما عبر الهاتف، حيث عثر السنباطي على رقم هاتفها وبادر بالاتصال بها معرفاً بنفسه، فتذكرت أم كلثوم أنها سبق والتقت بالسنباطي في قرية درينش بمحافظة الدقهلية قبل 13 سنة، وأن والديهما كانا يعملان معا في الأفراح، فقالت له في نهاية المكالمة: «إبقى خلينا نشوفك يا استاذ رياض، مادام أنت في مصر وأنا في مصر».

في تلك الفترة كانت أم كلثوم تستعد لتمثيل فيلم «دنانير» من إخراج أحمد بدرخان، فتحمس السنباطي وأعد لحناً خاصاً لها كي تغنيه في الفيلم. ولم يكن ذلك اللحن سوى لحن أغنية «على بلد المحبوب وديني» التي كتب كلماتها أحمد رامي. لكن لظروف غير معروفة لم تؤدِّ أم كلثوم الأغنية في الفيلم، وإنما غنتها فيما بعد في وداع الحجيج سنة 1935، ولقيت نجاحاً واسعاً.

بعد هذه الأغنية، غنت أم كلثوم من ألحان السنباطي وكلمات أحمد رامي أغنية «النوم يداعب عيون حبيبي» التي قدمتها «الست» في حفلها الشهري المذاع من قاعة الجامعة الأمريكية في القاهرة سنة 1937، وهو ما عزز علاقتهما الفنية التي أثمرت أكثر من 100 عمل، من أبرزها: «رباعيات الخيام»، «إفرح ياقلبي»، «سلوا كؤوس الطلا»، «اذكريني»، «يا ليلة العيد»، «يا طول عذابي»، «هلت ليالي القمر»، «غلبت أصالح»، «سهران لوحدي»، «يا ظالمني»، «قصة الأمس»، «عودت عيني»، «أغار من نسمة الجنوب»، «أروح لمين»، «دليلي احتار»، «هجرتك»، «الحب كده»، «لسه فاكر»، «حسيبك للزمن»، «حيرت قلبي معاك»، «أقولك إيه عن الشوق»، «ثورة الشك»، «من أجل عينيك»، و«أراك عصي الدمع».

لكن تلك العلاقة الفنية القوية لم تحل دون حدوث خلافات بينهما.

كان خلافهما الأول، الذي لم يستمر طويلاً وانتهى بالصلح، حول قصيدة أعجبت السنباطي، بعنوان «حديث عينين» المعروفة باسم «يا لعينيك ويا لي» للشاعر أحمد فتحي، فلحنها كي تؤديها أم كلثوم بصوتها الساحر، لكن الأخيرة رفضت بحجة أن الكلمات لا تناسبها وأن جمهورها لم يتعود منها مثل تلك الكلمات، فغضب السنباطي وأعطى اللحن للمطربة أسمهان، وهو ما جعل «الست» تقاطعه لبعض الوقت.

أما خلافهما الثاني، والذي أدى إلى قطيعة بينهما دامت 3 سنوات متواصلة، ولم تنته إلا بتدخل أحمد رامي، وبشرط أن تبادر هي بالاتصال به، فقد كان حول فقرة غنائية في أغنية «يا طول عذابي»، حيث طلبت «الست» تغييرها، معللة ذلك بأنها تكرار لما سبق أن غنته من ألحان محمد القصبجي، بينما رفض السنباطي الاستجابة لطلبها معتبراً تدخلها إهانة لفنه.