عام 1974 كان وزير الخارجية الأمريكي الأشهر هنري كيسنجر يرى أن الحقبة المقبلة في تاريخ الشرق الأوسط يجب أن تعتمد على تفتيت الدول الوطنية وقتها، وإقامة دويلات تمثل الأقليات العرقية والطائفية والمناطقية.

كان كيسنجر يؤمن بأن التقسيم الرأسي والعمودي هو أفضل الأوضاع التي تحقق 3 أهداف استراتيجية:

أولاً: تمكين إسرائيل كدولة يهودية تمثل أقلية وسط محيط إسلامي من أن تتعامل مع دويلات الأقليات ولا تصبح – وحدها – حالة شاذة داخل النظام الشرق أوسطي.

ثانياً: بناء قاعدة علاقات مع الدويلات الطائفية أو دويلات الأقليات من منظور اليد العليا للدولة الأمريكية بدلاً من التعامل مع العالم العربي ككتلة دول وطنية موحدة، وذلك بعد الدرس المؤلم لانقطاع البترول العربي عقب حرب 1973 والإصرار الأمريكي على عمل أي شيء وكل شيء حتى لا يتكرر مرة أخرى.

ثالثاً: القدرة على تصدير «النموذج» و«الإرادة» الأمريكية على دويلات الأقليات.

من هنا يمكن فهم الموقف الأمريكي – الإسرائيلي من الأكراد، والدروز، والسنة المتشددين، والشيعة السياسية، وكل من يمثل حالة طائفية أو مذهبية أو مناطقية بدءاً من الأمازيغ في المغرب العربي إلى المسيحيين في لبنان وصولاً إلى أهل النوبة في مصر.

مسألة تقسيم العالم العربي ليست وهماً ولكن مشروع جارٍ العمل عليه بقوة وإصرار شديدين.