انطلاقاً من الرؤية الفلسفية العميقة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي أرساها الوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويحمل لواء ترسيخها وتعزيزها ودعمها وتوجيهها ونشرها عالمياً، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بجعل العمل الإنساني العالمي، أولوية إماراتية عليا، وركناً أساسياً لنشر ثقافة التضامن والتعاون عبر مشاريع تركز على تعزيز قدرات المجتمعات بشكل دائم، ورؤية سموه أن «العمل الإنساني يزيد التقارب بين الحضارات ويُعزز الهوية الثقافية»، فإن هذه الفلسفة والرؤية العظيمة، تتجاوز نطاق الأعمال الخيرية التقليدية، بل أصبحت، وتحت مظلة مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، استراتيجية ثقافية شمولية، تُعيد تعريف الدور العالمي لدولة الإمارات العربية المتحدة، بدمج التراث مع الابتكار لإبراز القيم الإماراتية على الساحة العالمية مع تعزيز الهوية الوطنية.
تتولى «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني» برئاسة سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية رئيس مجلس أمناء مؤسسة إرث زايد الإنساني، ترجمة رؤى صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بضرورة الانطلاق عالمياً، لتكون برامج ومشاريع المؤسسة امتداداً طبيعياً للسياسة الإماراتية التي تضع الإنسان في صلب أولوياتها، وأن لا يقتصر تقديم الدعم للدول التي تحتاج العون إلى المساعدات الإنسانية فقط، بل إعادة صياغة جميع مفاهيم التضامن والتعاون الدولي، فأصبحت الإمارات اليوم في طليعة الدول التي تدعو وتدعم السلام والتنمية المستدامة حول العالم، وتثبت أن القوة الحقيقية للدول لا تكمن في قدراتها العسكرية أو الاقتصادية فحسب، بل في قدرتها على التأثير الإيجابي في جميع نواحي حياة الإنسانية جمعاء.
بالنسبة لنا، فإن إطلاق برامج ومشاريع «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني» هو خطوة استراتيجية كبرى تعكس التزام دولة الإمارات العميق والمستمر بتقديم العون والمساعدة للمجتمعات الأكثر احتياجاً، وهذه المبادرة الإنسانية، كما أعلن عنها، لن تقتصر على تقديم الدعم الطارئ بل ستسهم في خلق حلول مستدامة تضمن تمكين الأفراد والمجتمعات من التغلب على التحديات التي تواجههم.
فيصبح الدور الحيوي الذي ستلعبه المؤسسة في مد يد العون يتعدى حدود الجغرافيا إلى زيادة وتوسعة أواصر التعاون الدولي، وخلق شبكة إماراتية ثقافية تعكس قيم ورسالة الهوية الإماراتية العريقة وأن الدولة قد نجحت لتصبح مركزاً إنسانياً عالمياً يحتذى به.
إن توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى «المؤسسة» لتنفيذ مشروعات ومبادرات إنسانية وخيرية وتنموية وتعزيز ثقافة العمل الإنساني، والخيري، والتنموي، ونشرها محلياً ودولياً وتقديم المساعدات والإغاثة إلى المتضررين بما يضمن الاستجابة الفورية للحالات الإنسانية الطارئة، وأن تتمكن المؤسسة خلال خمس سنوات إيصال برامجها إلى أكثر من 500 مليون شخص في أكثر من 50 دولة، تعني لدولة الإمارات ومواطنيها، من ناحية ثقافية الكثير، أنها خطة عظيمة تنشر رؤى رمز الدولة، رجل الإنسانية الأول، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وهو الذي يمثلنا جميعاً، بكل فخر واعتزاز.
وفي الفلسفة الثقافية، فإن مشاريع الشيخ محمد بن زايد الإنسانية، تعد أفضل تفسير للتراث كسرد إنساني عالمي، فأثر أعماله الإنسانية العالمية، هو امتداد للتقاليد والقيم الإماراتية، حيث تُصبح قيم مثل الكرم والتسامح لغات عالمية للتضامن، فمثلاً لن ينسى العالم، حين وقف شيخنا «بوخالد»، وسط أزمة جائحة كورونا، وحين كان العالم كله ينهار، وقال لسكان الإمارات والعالم: «لا تشلّون هم»، فكفى الناس بعون الله حاجتهم واضطرارهم وبدل خوفهم أمناً، كما أمر بتوزيع المساعدات العاجلة لأكثر من 100 دولة حول العالم، وتوزيع 100 مليون جرعة من لقاح «كوفيد 19»، وهذا العمل الإنساني العظيم وغيره الكثير، إنما هو صورة حقيقية متجذرة في تقاليد الضيافة الإماراتية، وهي من ناحية أخرى، قيم وأخلاق ثقافية عالمية للمسؤولية، حيث نما الترحيب والضيافة من عادة محلية إلى أداة دبلوماسية، تُعزز الحوار بين الثقافات.
كذلك فإن أثر رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد للتعايش السلمي ورفض الإرهاب والتطرف الفكري، وفض النزاعات الدولية والتوسط بتقديم مبادرات سلام أو تبادل أسرى ورهائن، وتقريب وجهات النظر بين الخصوم الدوليين، قد أصبح منهجاً إماراتياً راسخاً يمثل القوة الناعمة التي وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة في حل الصراعات الثقافية العالمية وتعزيز الحوار العالمي الشامل.