عارف الشيخ.. الشاعر والأديب والفقيه

الدكتور عارف الشيخ، كما أثبت على غلاف كتاب من كتبه أنه مواليد عام 1952، وقد تخرج في جامعة الأزهر بمصر، حاصلاً على الليسانس عام 1977، وفي تخصص الشيخ عارف ومجال دراسته، يعجبني عندما يتناول موضوعاً فقهياً أو مسائل فقهية، «من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين».

فأي مُلم بشيء من المعرفة، يدرك أن الفقه الإسلامي بحر متلاطم من الصعب على أي غواص سبر غوره، ما لم يكن هذا الغواص طويل النفس ذا جلد وصبر على عناء البحث، والأصعب من ذلك أن لغة الفقهاء من السلف ليس الإلمام بها في متناول كل قارئ، وعلى مثل هذا القارئ الذي يريد أن يقف على مصطلحات الفقهاء ومفرداتهم اللغوية، أن يقرأ كثيراً في كتب الأقدمين ويطلع على تفاسير الجمل الفقهية.

والشيء الجميل في كتابة الشيخ عارف أنه يضع التفسير الفقهي للموضوع الذي يتناوله بلغة حديثة سهلة يقرؤها الناس دون عناء، وهذه ميزة الكاتب الجيد الذي يوصل المعلومة إلى قرائه ويشوقهم للقراءة، أما الذين يكتبون عن الفقه الإسلامي بلغة فقهية ليس بينها وبين لغة اليوم صلة، فأولئك لا يقدمون منفعة أو شيئاً مفيداً.

والدكتور عارف شاعر وكاتب نظم ونثر، وهذه ميزة لا تتأتى إلا للقليلين من أهل المعرفة، ولو أحصينا الكتب التي كتبها وألفها الشيخ الدكتور عارف الشيخ، لوجدنا هذه الكتب تجاوزت السبعين كتاباً، وهذا لعمري عمل كبير، وينبغي علينا جميعاً أن نشيد به ونكرم هذه الشخصية المثابرة التي تقف مع كبار المؤلفين وكتاب السير والوقائع في العالم العربي، واسمه يجعل من الإمارات إحدى المسهمات ذات الفاعلية المفيدة في المجتمع العربي ثقافياً وتربوياً.

وليس من الضروري أن تكون كل هذه الكتب رائقة لميولنا الفكرية والأدبية، فهناك الكثير من الكتب لمؤلفين مختلفين قد لا تشدنا مواضيعها وتكون مختلفة عما يرضي أذواقنا، ولكنها كتب جاءت إلى النور بعد عناء وكد ذهني كبيرين من المؤلف، وقد يكون سهر الليالي يبحث عن معلومة يضمها إلى كتابه، ولا يقف عارف الشيخ عند الكتابات الفقهية أو التاريخية وحدها، بل إن له إبداعات أدبية أيضاً في قول الشعر في أغراضه المختلفة، فهو شاعر مفلق يستطيع قول الشعر في أية مناسبة طارئة بلغة جزلة.

وللشيخ عارف بحوث ودراسات في مسائل تتعلق بالتربية وشؤون التعليم وتاريخ التعليم وإنشاء المدارس في دبي، وقد تناولت في إحدى حلقات الكشاكيل الرمضانية السابقة، كتاباً ألفه الدكتور عارف عن تاريخ التعليم في دبي، وفي قراءتي لهذا الكتاب رأيت أن هناك بعض المبالغات في المعلومات التي وردت في الكتاب عن وجود مدارس ومؤسسيها في دبي، وأشرت بصورة فيها التأكيد، إلى أن المدرسة العمومية التي كان يشار إليها بالبنان، هي المدرسة الأحمدية التي أنشأها أحمد بن دلموك بين عامي 1906 – 1912م.

وليست المدارس الأخرى سوى كتاتيب، ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى المدارس التي تدرس فيها العلوم الشرعية، وللحق فإن الدكتور عارف تقبل ملاحظاتي هذه بصدر فيه الرحابة والبعد عن المكابرة، وقد أكبرت فيه هذه الخصلة الحميدة.

وعندي، أن الشيخ عارف يستحق أن يشاد بعمله، ويكرم من لدن المسؤولين في الإعلام ووزارة الثقافة وغيرهم على هذه الهمة العالية، والتي لا يقدر عليها إلا من أوتي صلابة في العزم، وعلى مثابرته وجلده في تأليف الكتب ونشرها، ذلك العمل الذي يعد عنواناً بارزاً للرقي الحضاري والمدني.