إسرائيل الصغرى والكذبة الكبرى!

نتانياهو وتابعاه، أو هو تابعهما، سموتريتش وبن غفير، يقودون إسرائيل إلى الهاوية. هذا ليس رأي أولئك الذين يؤمنون بحتمية زوالها، ولا الذين يقرؤون الأحداث بعواطفهم لا بعقولهم، بل هذا ما يراه المتابع لسياسة حكومة نتانياهو من عين زرقاء اليمامة التي ترى أبعد مما يراه الثلاثي في تل أبيب.

من هؤلاء جنرالات وسياسيون إسرائيليون حاليون وسابقون، مثل رئيس أركان الجيش الأسبق، غادي آيزنكوت، ورئيس كتلة المعسكر الوطني، بيني غانتس، ورئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، وطبعاً زعيم المعارضة، يائير لابيد، وغيرهم.

رفض سياسة حكومة نتانياهو وصل حد الدعوة إلى عصيان مدني، كما جاء على لسان رئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، حين قال: عندما تخرق الحكومة القانون، فإن مصطلح عصيان مدني يعني أن القانون هو خطنا الأحمر.

فالديمقراطية هي لنا وليس للحكومة، الحكومة ترسل الجنود إلى حرب لا توجد فيها أي غاية سياسية وطنية وبعضهم يعود بتوابيت، ونحن نعلم أن هذه الحرب لن تعيد المخطوفين، ولن تهزم حماس في غزة. وعلينا إنشاء بديل ليكون هناك داخل الفراغ الذي يصنعونه.

نتانياهو لن يتوقف عن جر إسرائيل إلى نهايتها، ليس بسبب تهديد خارجي، بل بسبب انهيار داخلي، وهذا ما يجري الآن في إسرائيل، تظاهرات غير مسبوقة تطالب بوقف الحرب وتحرير الرهائن، هجرة إلى الخارج، خاصة من شريحة التقنيين، هروب رؤوس الأموال، شبه انهيار اقتصادي، انقسام مجتمعي، بوادر حرب أهلية حذر منها قادة سابقون.

والأهم تململ في الجيش الذي كان يعتبر البقرة المقدسة عند الإسرائيليين، من رفض للخدمة العسكرية إلى حالات انتحار بين الجنود، إلى نقص في عدد العسكر استدعى الطلب من الإسرائيليين في العالم الالتحاق بالجيش. نتانياهو لا يصغي لكل التحذيرات، أذن من طين، وأذن من طين أيضاً.

يقول إنه يحمل رسالة تاريخية وروحانية ويهدد باحتلال أراضٍ عربية جديدة في الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وخلق ما يسميه إسرائيل الكبرى. هذا في الوقت الذي لم يزل منذ عامين غارقاً في وحل غزة، لا حقق الانتصار المطلق ولا حرر الرهائن بالقوة، وهما الشعاران اللذان ما لبث يكررهما على مسامع الإسرائيليين حتى أصبح كلامه مدعاة للسخرية.

لا نقلل من خطورة رؤية نتانياهو في ظل الوضع العربي الحالي، والأهم الدعم الأمريكي المتواصل. ولا ننسى أن الرئيس ترامب هو أول من أشار إلى المساحة الصغيرة لإسرائيل المسكينة!

رياح الواقع والتاريخ لا تجري بما يشتهي نتانياهو، ولو جرت فحتى حين، وليس حتى النهاية، خاصة أن آلة الوحشية الإسرائيلية ضد الأطفال والنساء والمسنين في غزة أيقظت شعوب العالم على الكذبة التي روجتها حكومات إسرائيل منذ إنشائها بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة بالمنطقة محاطة بوحوش بشرية.

وما الأصوات المنددة بحكومة نتانياهو التي تجتاح العالم من طوكيو إلى لندن وبرلين وباريس وروما وحتى واشنطن إلا تأكيد على تغير الموازين الدولية واتضاح للحقيقة التي نجحت إسرائيل في طمرها بالأكاذيب. ثبت للكثير في هذا العالم بالصوت والصورة أن ما ظنوه حملاً وديعاً طيلة 77 عاماً ما هو إلا وحش مفترس.