تسجيل أغنية كويتية أعجبت العندليب

للفنان الكويتي المعروف عبدالكريم عبدالقادر (1945 ـ 2023)، الذي لقب بـ«الصوت الجريح»، بعد أغنيته الشهيرة «أجر الصوت» في عام 1988، والذي قدم 41 ألبوماً غنائياً طوال مسيرته الفنية، العديد من الأغاني التي لاقت الاستحسان والصدى الجماهيري المدوي، وسكنت أفئدة عشاق صوته، وظلت تتردد على ألسن الكثيرين منذ ستينات القرن العشرين (حينما قدم أغنيته الأولى وكانت دينية في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعنوان «شوقي سعى إلى المدينة») إلى اليوم، ومن هذه الأغاني على سبيل المثال: سرى الليل يا قمرنا، خليك معاي في الراي، تكون ظالم، آه يالأسمر يا زين، بوعيون فتانة، عادت ليالي الأمان، اللي يعزنا، جاني يشتكي، اشتقتلك، ليل السهارى، عزيز وغالي، وغيرها، علاوة على أغنية «باعوني» من كلمات عبداللطيف محمد البناي وألحان الدكتور عبدالرب إدريس، والتي ستكون محور حديثنا هنا.

يقول الناقد الفني السعودي، علي فقندش، في الجزء الثاني من كتابه «الأغاني، قصص وحكايات» الصادر في عام 2017 إن مؤدي الأغنية وملحنها وكاتب كلماتها، الذين شكلوا ثلاثياً ناجحاً في السبعينات الميلادية، سافروا إلى القاهرة سنة 1975 لتسجيل ألبوم غنائي جديد في استوديو 45 بمبنى ماسبيرو، وهو استوديو مرتبط باسم مهندس الصوت المعروف زكريا عامر (ت: 2019)، وأطلق عليه منذ عام 2025 اسم العالم المصري أحمد زويل، وبالفعل تم حجز الاستوديو لمدة محددة، لكن تنفيذ العمل تطلب وقتاً إضافياً.

وتشاء الصدف أن يكون الاستوديو نفسه محجوزاً للعندليب عبدالحليم حافظ، بعد عبدالكريم عبدالقادر مباشرة.

كانت مدة الأعمال التي تم تجهيزها للألبوم لا تتجاوز 35 دقيقة، بينما كانت سعة شريط الكاسيت من 45 إلى 60 دقيقة، الأمر الذي اضطر معه الثلاثي إلى عقد ورشة عمل طارئة، من أجل إعداد عمل غنائي إضافي سريع، فكان ميلاد أغنية «باعوني»، التي أضيفت إلى ألبوم عبدالكريم عبدالقادر السنوي لعام 1975.

أخبرنا الشاعر عبداللطيف البناي -حسب ما رواه فقندش على لسانه- أن العندليب عبدالحليم حافظ جاء في الوقت المحدد للحجز، ودخل كونترول الاستوديو ففوجئ بصوت عبدالكريم عبدالقادر يغني:

أنا اللي شايل حبكم في عيوني

وأنا اللي ما كنت أفتكر تنسوني

يضيف البناي: إن العندليب لم يغضب، ولم يحتج على إشغال الاستوديو وتأخير أعماله، وتصرف مع الوضع بلباقة وكرم الفنانين الكبار، حيث طلب من صديقه مهندس الصوت زكريا عامر أن يبقي كل شيء على حاله ويواصل التسجيل للأخوة الكويتيين، مردداً إعجابه بصوت عبدالكريم عبدالقادر وبتلك الأغنية تحديداً بعبارة «الله الله، دي حاجة ممتعة جداً جداً».

وفوق هذا بقي العندليب في الاستوديو يواصل الاستماع للفنان الكويتي، مستمتعاً بكلمات وأنغام أغنية «باعوني، ليش ليش؟»، فيما أوصى في تلك الليلة بتأجيل حجزه للاستوديو إلى اليوم التالي.

والمعروف أن العندليب ارتبط بعلاقة وثيقة بالكويت وشعبها وفنانيها منذ ستينات القرن العشرين، حينما زار الكويت لأول مرة، واحتُفي به وسجل بها أغنية وطنية بعنوان «من الجهرا للسالمية» من كلمات محمد حمزة وألحان كمال الطويل، وأغنيتين عاطفيتين جميلتين هما: «يا هلي.. يكفي ملامي والعتاب»، من كلمات وليد جعفر وألحان عبدالحميد السيد، و«عيني ضناها السهر» من كلمات عبدالمحسن الرفاعي وألحان سعود الراشد، كما أقام حفلاً غنائياً ساهراً على مسرح سينما الأندلس في نوفمبر 1967.