في قلب دبي وعلى ضفاف ذكرياتي عندما كنت طفلاً. تقف مكتبة دبي العامة شاهداً على تاريخ ثقافي بدأ منذ 1963، حين أمر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ببنائها وبتمويل من حكومة الكويت، لتكون منارة للمعرفة في دبي.
لم تكن المكتبة مجرد مبنى يضم كتباً بل كانت فضاءً يفتح أبواب العالم أمامنا. نحن الأطفال الذين كنا ننهل من الصحف والمجلات القادمة من الدول العربية، مثل القبس ومجلة العربي واليقظة من الكويت والأهرام وروز اليوسف من مصر وعكاظ والجزيرة من السعودية. كانت المكتبة أيضاً ملاذاً لمحبي القصص والأدب، وموطناً لأنشطة ثقافية جعلت منها أكثر من مجرد مكان للقراءة.
ذاكرة الطفولة .. بين القراءة والمسرح
عندما كنت في العاشرة من عمري، كانت المكتبة عالمي الصغير.
حيث انكببت على قراءة المجلات واندمجت في المسابقات اللغوية التي نظمتها أمينة المكتبة باستخدام قاموس المنجد، والتي كانت تشجعنا بجوائز رمزية لكنها ثمينة في قيمتها المعنوية. لم تقتصر المكتبة على القراءة، بل كانت حاضنة للمواهب. وكنت من مؤسسي فريق التمثيل فيها، حيث قدمت مع زملائي مسرحيات هادفة غرست فينا حب الفن والثقافة.
لماذا هذا الإغلاق الغامض؟
تمر السنوات، وأعود إلى المكتبة، فلا أجد سوى أبواب مغلقة منذ أكثر من خمس سنوات! كيف يمكن لمكتبة تحمل هذا الإرث الثقافي أن تظل خارج نطاق الحياة الثقافية؟ ألا تقع ضمن منظومة «إرث دبي»، التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم لحفظ وتوثيق تاريخ الإمارة؟ ألا تستحق أن تبقى منارةً للعلم والمعرفة بدلًا من أن تغيب في غياهب النسيان؟
أين دور الجهات المعنية والقطاع الخاص؟
المؤسسات الثقافية في دبي مدعوة اليوم لإعادة النظر في وضع هذه المكتبة التاريخية، والعمل على إعادة فتحها وإحيائها بما يتناسب مع مكانتها.
كما أن القطاع الخاص الذي طالما ساهم في تطوير المشهد الثقافي، مطالب بلعب دور في ترميم المكتبة وإعادة تأهيلها. بحيث تصبح جزءاً من رؤية دبي الثقافية.
مكتبة دبي العامة ليست مجرد مبنى، بل ذاكرة مدينة تحتاج إلى من يعيد إحياءها. فهل نرى قريباً بادرة تعيد لهذه المنارة ألقها؟ أم ستظل مغلقة بلا إجابة واضحة؟