قرار المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي بتشكيل «لجنة الفنون الشعبية» خطوة تعكس وعياً رسمياً متقدماً بأهمية هذه الفنون ودورها المحوري في حفظ الهوية الوطنية، وتعزيز الانتماء الثقافي، فعندما تطرقت بالأمس إلى التحديات التي تواجه فرق الفنون الشعبية شددت على الحاجة إلى دعم مؤسسي مستدام، وتوفير بيئة إدارية وتنظيمية، تضمن استمرار هذه الفنون للأجيال القادمة، واليوم تأتي هذه اللجنة لتجسد هذا التوجه، عبر خطة استراتيجية واضحة، للحفاظ على الفنون الشعبية، وتعزيز جودتها، وتأهيل ممارسيها، إلى جانب مقترحات لتدريسها ضمن مناهج معتمدة، وهي خطوة تعزز دور معهد التراث في الشارقة، وتخطو في المسار الصحيح.
إن تشكيل لجنة متخصصة في إمارة أبوظبي هو خطوة عظيمة، نتمنى أن تمتد إلى كل إمارات الدولة، إذ ينبغي أن تكون نموذجاً يُحتذى في بقية الإمارات، فالفنون الشعبية ليست مجرد استعراضات فلكلورية، بل هي جزء من الهوية الثقافية الوطنية، وتحتاج إلى رعاية مدروسة، تتجاوز الجهود الفردية إلى العمل المؤسسي المستدام، وهنا يأتي السؤال: هل نشهد قريباً تشكيل لجان مماثلة في دبي وبقية الإمارات لضمان حماية هذا الإرث في كل أنحاء الدولة؟
من أبرز الجوانب الإيجابية في القرار أنه لا يقتصر على الإشراف والتنظيم، بل يتضمن أيضاً:
التدريب والتأهيل: لضمان أداء الفنون الشعبية بأفضل مستوى ممكن.
تطوير المناهج التعليمية: لإدراج الفنون الشعبية في المناهج الدراسية وتعريف الأجيال الجديدة بها.
التشريعات والتراخيص: لوضع إطار قانوني يحمي هذه الفنون من العشوائية والاندثار.
الترويج والتوعية: لتعزيز انتشارها وتحفيز الشباب على ممارستها.
وبما أن القطاع الخاص شريك أساسي مع هذا التطور اللافت يبقى السؤال الأهم: أين القطاع الخاص من دعم هذه الجهود؟ فرجال الأعمال والمؤسسات الكبرى مطالبون بالمساهمة الفعالة في رعاية الفرق الشعبية، وتوفير التمويل اللازم للحفاظ عليها وتطوير أدائها، خاصة أن الفنون الشعبية ليست مجرد تراث، بل هي عنصر جذب سياحي واقتصادي مهم، يمكن توظيفه في تعزيز الهوية الإماراتية على المستوى العالمي.
إن تشكيل «لجنة الفنون الشعبية» في أبوظبي خطوة تستحق الإشادة، لكنها يجب أن تكون البداية فقط، وليست الاستثناء، فالفنون الشعبية تحتاج إلى نهج وطني شامل.