خريف «الإخوان» وأفول الجماعة

في خطوة مفاجئة تحمل دلالات سياسية وتنظيمية كبيرة، أعلنت جماعة الإخوان في الأردن حل نفسها رسمياً، وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الدولة الأردنية ضد خطر هذه الجماعة الإرهابية.

حيث قررت السلطات الأردنية في أبريل الماضي حظر الجماعة في البلاد وتجريم الانضمام إليها، إثر اعتقال 16 من أعضائها، بتهم تتعلق بتهديد الأمن القومي، من بينها تدريب مسلحين وتصنيع متفجرات والتخطيط لتنفيذ هجمات باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة. كما اتخذت المملكة جملة من الإجراءات ضد جمعيات وشركات تعد واجهات مالية لجماعة الإخوان المحظورة.

ومن ثم فإن خطوة حل الجماعة تأتي انعكاساً مباشراً لتراجع نفوذ الإسلام السياسي في الأردن والمنطقة عموماً، نتيجة تغير المزاج الشعبي، وخصوصاً لدى الشباب، الذين باتوا يبحثون عن برامج سياسية واقتصادية واقعية بعيداً عن جماعات تختبئ وراء شعارات دينية.

كما أنها تأتي ضمن سياق إقليمي ودولي أصبح رافضاً بوضوح لهذه الجماعة الإرهابية بعد انكشاف خطرها على العالم كله، حيث تزامن هذا التحرك الأردني مع اتخاذ دول عدة إجراءات قوية بحق الجماعة، وعلى رأسها فرنسا، التي بدأت تدرك خطر هذه الجماعة على المجتمع الفرنسي.

حيث توصل تقرير رسمي صدر في مايو 2025 بعنوان الإخوان والإسلام السياسي في فرنسا، إلى أن جماعة الإخوان تقوض الدولة الفرنسية من الداخل بشبكة واسعة من العناصر والمؤسسات المتغلغلة.

وأشار إلى وجود 139 مكان عبادة تابعة لمسلمي فرنسا تعد مقار رئيسة للإخوان في فرنسا. كما أفاد التقرير أن هناك 280 جمعية مرتبطة بجماعة الإخوان تنشط في مجالات متنوعة، تشمل الدين والأعمال الخيرية والتعليم والمجالات المهنية والشبابية وحتى المالية.

واستناداً لهذا التقرير أطلقت الحكومة الفرنسية سلسلة من الإجراءات الأمنية والمالية والإدارية، استهدفت شخصيات وكيانات مرتبطة بالتنظيم، ولا سيما في ظل تزايد القلق من تأثيره في قيم الجمهورية واستقرار المجتمع الفرنسي.

ومن أبرز هذه الإجراءات تجميد أصول 12 كياناً من دور نشر وأفراد ومؤسسات، تتهمها السلطات بالمساهمة في التغلغل الإخواني داخل المجتمع الفرنسي.

وفي بريطانيا سبق أن خلصت مراجعة أجرتها الحكومة إلى القول إن الارتباط أو الانتماء لجماعة الإخوان، يعد مؤشراً محتملاً إلى التطرف، فيما وضعت لندن في مارس 2024، جماعة الإخوان على رأس قائمة التطرف وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرف.

وفي الولايات المتحدة ثمة تحركات نشطة في الكونغرس الأمريكي لوضع جماعة الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية، علماً أن واشنطن سبق أن صنفت العديد من الجماعات المنتمية للجماعة تنظيمات إرهابية مثل حماس وحركة حسم الإخوانية المصرية.

كما واصلت دولة الإمارات إجراءاتها بحق هذه الجماعة التي صنفتها إرهابية عام 2014، حيث أدرجت في يونيو الماضي 19 فرداً وكياناً على قوائم الإرهاب المحلية، في خطوة جديدة ضمن سياستها الاستباقية لمكافحة التطرف وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وذلك لارتباطهم بتنظيم الإخوان الإرهابي.

كل هذه التحركات والإجراءات تعني شيئاً واحداً هو أن جماعة الإخوان باتت تعيش خريف عمرها، وأنها في مرحلة أفول بعد انكشاف خطر ممارساتها وأيديولوجيتها للجميع.. ولكن من المهم أن تتواصل هذه الحملة الإقليمية والعالمية على الجماعة وعدم السماح لها بالعودة مجدداً.