اليوم، من عاشوا تلك الحقبة، ثم واكبوا مسيرة مركز دبي التجاري العالمي وصولاً إلى هذه الأيام حيث تقام الدورة الـ 44 من جيتكس جلوبال، يدركون بما لا يدع مجالاً للشك، أن وراء ذلك المشروع المبكر، ثمة رؤية ثاقبة ترنو إلى البعيد، وأن المركز الذي نهض عملاقاً أمام عيون الناظرين سيغدو قريباً من أهم المعالم الاقتصادية للإمارة، وأساساً لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية للأعمال والمعارض.
بطبيعة الحال، إن ظاهرة المعارض التجارية الكبرى ليست جديدة، وهي ترافقت مع نشوء الثورة الصناعية، وتحديداً مع أول معرض ضخم شهدته العاصمة البريطانية لندن عام 1851، تحت اسم «المعرض الكبير للصناعة».
منذ تلك اللحظة، يشهد العالم آلاف المعارض كل عام، لكن القليل منها يصمد، والأقل من ذلك هي المعارض والفعاليات التي ترسخ مكانتها كجزء من مسيرة التطور العالمي.
المعارض اليوم أصبحت صناعة بحد ذاتها، وفي العام الماضي 2023 ساهمت تلك الصناعة بما يقارب 72 مليار دولار في الاقتصاد العالمي، وتشير التقديرات إلى أنها ستنمو بنسبة 4.5 % سنوياً خلال السنوات العشر القادمة.
وما من شك في أن جيتكس أصبح اليوم أحد العناوين الثابتة لهذا القطاع المؤثر وعلامة عالمية بارزة. والواقع أن جيتكس تجاوز دوره كمعرض، وأصبح محطة سنوية عالمية تلتقي فيها نخبة العقول المبتكرة من حكومات، وشركات، وأفراد على أرض دبي، هذه المدينة التي أصبحت هي نفسها صرحاً عملاقاً وقصة ملهمة في اختصار الزمن ومقارعة المستحيل وصنع المستقبل.
تحت مظلة جيتكس جلوبال، تروي دبي فصولاً جديدة من قصتها التي أبهرت العالم. وتستقبل الآلاف من شتى البلدان ليشاهدوا بأعينهم كيف أن هذه المدينة الشابة أصبحت عنواناً لمجتمع واقتصاد المعرفة الرقمي، حيث يتم الاستفادة من أحدث التقنيات لخدمة الإنسان. يشاهدون كيف حفرت دبي لنفسها موقعاً رائداً في طليعة المدن ضمن العديد من المؤشرات العالمية، بما فيها مؤشر الحكومات الرقمية، حيث يبرز اسم دبي ضمن أفضل خمس مدن في العالم وفقاً لمسح الأمم المتحدة 2024.
في جيتكس، وتحديداً تحت «برج راشد» الذي لا يزال يقف شامخاً، تتلألأ النجاحات والتجارب والقصص الرائدة والابتكارات من شتى أنحاء العالم، لكن ما يتألق أكثر وأكثر هو دبي نفسها التي تتجلى في هذا الحدث كعنوان للحلم الإنساني بحياة تسودها التنمية والسعادة والرخاء والتنافس الإيجابي.