لصاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، تجلّيات متنوّعة على هذه الحياة، فقد تجلّى عليها قائدًا فذّاً في بناء الدولة.

وتجلّى عليها سياسيًّا بارعًا في بناء العلاقات، ومُلهِمًا كبيرًا في بناء الرُّوح والشخصيّات، وباعثًا صادقًا لمجد العرب وشرف لغتهم في جميع المجالات، وتجلّى على هذه الدنيا شاعرًا مُبدعًا له في ميادين الشعر صولات وجولات، تمامًا كما تجلّى عليها فارسًا لا يدانيه أحدٌ في إكرام الخيل الضابحات العاديات، فاجتمع من هذا كلّه شخصية فريدة عميقة التأثير في فلسفة بناء الإنسان والأوطان.

في واحدة من الروائع الشعريّة على مستوى الشكل والمضمون أخذت اسم «يا سهمي الرابح» أطلّ علينا صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم بروح عميقة الإحساس بمعنى الأبوّة حين جعلها هديّة إلى نجله وقرة عينه ووليّ عهده سموّ الشيخ حمدان بن محمّد بن راشد آل مكتوم، وليّ عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع.

حيث استشرف فيها الآفاق الرّحبة لشخصية سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم كفارسٍ شجاعٍ من فرسان هذه الدولة، ورجلٍ يتحمّل المسؤوليات الجِسام ويقتفي آثار آبائه وأجداده وقادة الدولة الكبار، وسيفٍ مصقولٍ على يمين فارس الدّولة وسيّد الوطن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيّان، رئيس الدولة، حفظه الله.

أحلى الأماني ومطربات الأغاني

أهدي معانيها إلى طيّب الفال

اليوم يومك يا وحيد الزمانِ

يا من لك الأيام تسعد بالإقبال

أنته على ذوقي رسمتك معاني

وعوّدتني حمدان تحقيق الآمال

بهذه الكلمات العذبة الرقيقة يفتتح صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه القصيدة الجميلة التي اختار لها هذه الألفاظ النابعة من قلبٍ صادق المحبّة لفارسٍ من فرسان آل مكتوم حيث يهديه هذه الأمنيّات الحلوة الرقيقة والأغاني ذات الألحان البديعة التي يطرب لها الرأس لتكون هدية لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الذي جاء إلى هذه الدنيا طيّب الفأل، كريم الأخلاق، رقيق الحاشية، يألف الناس ويألفونه.

قد أخذ من حسن الخلق وكرم الطِّباع بالحظّ الوافر ليكون امتدادًا أصيلًا للسادة الكرام من آبائه وأجداده لا سيّما والده صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم الذي ربّاه على عينه، وصقل شخصيته بحيث أصبح فارسًا يملأ العين ويبعث أعمق معاني السرور في نفس والديه، فها هو سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قد حصل على ثقة أبيه وأصبح اليوم يومه، متفرّدًا بين أقرانه فأقبلت عليه الأيّام بالسّعد وطيب الإقبال، ولا غرو فهذا الفارس الميمون قد نشأ وشبّ على ذوق أبيه الذي رأى فيه وارثًا جديرًا بكلّ محبّة وثقةٍ واحترام، فلم يخيّب ظن أبيه بل جاء على مراد القائد فروسيّة وكرمًا وسؤددًا.

ما كل كفّ تروم قبض العنان

ولا كلّ فارس يركب الخيل خيّال

معتاد ما ترجع ولا تكون ثاني

ومعتاد يا حمدان الأول في الأبطال

تعرف طبع الأرض شدّ وليان

وتخبر حصانك بتعجيل وإمهال

في هذا المقطع من القصيدة يُفصح صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم عن معايير الفروسيّة الّتي غرسها في قلب سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، فليس كلّ من قبض على عنان الفرس أصبح فارسًا، ولا كلّ من ركب الخيل أصبح في عِداد الفرسان.

وبخصوص سموّه فقد علّمه والده ألّا يرجع من الطريق إذا أسرج خيله، ولا يرضى بغير المركز الأوّل إذا اندفع في السباق، فقد تعوّد على هذا المركز انتزاعًا له من بين الأبطال وليس من الناس العاديين، وما ذلك إلا لأنّ والده قد علّمه طبيعة الحياة، وأنّها بين القبض والبسط والّلين والشدة، وهو ما يمارسه سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم حين يعتلي ظهر حصانه ويجمح به بين فرسان النزال.

فاهم عليك وفاهمنه بياني

ولي ما يعرف القول يفهم بالأفعال

بك عزم راشد وفعول وتفاني

وبك من كرم زايد سحاب وهمّال

وإنته لأبو خالد سيف يماني

وإنت سليل المجد من عمٍّ وخال

وتزداد القصيدة جمالًا حين تدخل هذه المنطقة من التعبير عن روح الانسجام العميق بين الوالد والولد، فهو يفهم والده بالإشارة، ويعرف ما تعنيه هذه الإشارة الكريمة في حين أنّ بعض الناس يقف عاجزًا عن فهم إشارات الأذكياء، ولا يكاد يفهم المراد إلا إذا تجسّد أمامه على شكل فعلٍ ملموسٍ محسوس، ولكن سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قد ورث هذا الذكاء وهذه البصيرة اللمّاحة من أجداده الكبار.

فقد أخذ عن جده طيب الذكرى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم كلّ عزيمة وصبر وإصرار على الفعل الحميد الذي يعكس روح البذل والتفاني تمامًا كما أخذ عن طيّب الذكرى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان كرم النفس وسخاء اليد فهو كالغيمة الهاطلة، ثم طار مجده إلى أعلى الذُّرى حين جعله والده سيفًا يمانيًّا في يد قائد الدولة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيّان، حفظه الله، وهذا هو الشّرف العالي الذي لا يُدانيه شرف ولا يساويه إنجاز ولا وسام.

للعهد ولّيتك وما كنت واني

وجدّيت لو هو لعب ما كنت بتنال

راهنت بك حمدان وفزت برهاني

بك الوطن يفوز ويطال وينال

ثمّ كانت هذه الخاتمة الرائعة حين تبلغ الثقة ذروتها العليا، فيفوز سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بثقة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، فيقلّده ولاية عهد دبي، فيتلقّاها بيمين الفارس الشجاع.

ويسلك مسالك الرجال الجادّين، فلهذا استحقّ هذا الشرف العالي واستحقّ هذه المنزلة الرفيعة من لدن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم الذي راهن على هذا الفارس المتمرّس وفاز بالرهان، وفاز الوطن كله بسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الذي يحمل مجد أبيه، ويثبت كلّ يوم أنه أهلٌ لهذا الرهان.