وتجلّى عليها سياسيًّا بارعًا في بناء العلاقات، ومُلهِمًا كبيرًا في بناء الرُّوح والشخصيّات، وباعثًا صادقًا لمجد العرب وشرف لغتهم في جميع المجالات، وتجلّى على هذه الدنيا شاعرًا مُبدعًا له في ميادين الشعر صولات وجولات، تمامًا كما تجلّى عليها فارسًا لا يدانيه أحدٌ في إكرام الخيل الضابحات العاديات، فاجتمع من هذا كلّه شخصية فريدة عميقة التأثير في فلسفة بناء الإنسان والأوطان.
حيث استشرف فيها الآفاق الرّحبة لشخصية سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم كفارسٍ شجاعٍ من فرسان هذه الدولة، ورجلٍ يتحمّل المسؤوليات الجِسام ويقتفي آثار آبائه وأجداده وقادة الدولة الكبار، وسيفٍ مصقولٍ على يمين فارس الدّولة وسيّد الوطن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيّان، رئيس الدولة، حفظه الله.
قد أخذ من حسن الخلق وكرم الطِّباع بالحظّ الوافر ليكون امتدادًا أصيلًا للسادة الكرام من آبائه وأجداده لا سيّما والده صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم الذي ربّاه على عينه، وصقل شخصيته بحيث أصبح فارسًا يملأ العين ويبعث أعمق معاني السرور في نفس والديه، فها هو سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قد حصل على ثقة أبيه وأصبح اليوم يومه، متفرّدًا بين أقرانه فأقبلت عليه الأيّام بالسّعد وطيب الإقبال، ولا غرو فهذا الفارس الميمون قد نشأ وشبّ على ذوق أبيه الذي رأى فيه وارثًا جديرًا بكلّ محبّة وثقةٍ واحترام، فلم يخيّب ظن أبيه بل جاء على مراد القائد فروسيّة وكرمًا وسؤددًا.
وبخصوص سموّه فقد علّمه والده ألّا يرجع من الطريق إذا أسرج خيله، ولا يرضى بغير المركز الأوّل إذا اندفع في السباق، فقد تعوّد على هذا المركز انتزاعًا له من بين الأبطال وليس من الناس العاديين، وما ذلك إلا لأنّ والده قد علّمه طبيعة الحياة، وأنّها بين القبض والبسط والّلين والشدة، وهو ما يمارسه سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم حين يعتلي ظهر حصانه ويجمح به بين فرسان النزال.
فقد أخذ عن جده طيب الذكرى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم كلّ عزيمة وصبر وإصرار على الفعل الحميد الذي يعكس روح البذل والتفاني تمامًا كما أخذ عن طيّب الذكرى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان كرم النفس وسخاء اليد فهو كالغيمة الهاطلة، ثم طار مجده إلى أعلى الذُّرى حين جعله والده سيفًا يمانيًّا في يد قائد الدولة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيّان، حفظه الله، وهذا هو الشّرف العالي الذي لا يُدانيه شرف ولا يساويه إنجاز ولا وسام.
ويسلك مسالك الرجال الجادّين، فلهذا استحقّ هذا الشرف العالي واستحقّ هذه المنزلة الرفيعة من لدن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم الذي راهن على هذا الفارس المتمرّس وفاز بالرهان، وفاز الوطن كله بسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الذي يحمل مجد أبيه، ويثبت كلّ يوم أنه أهلٌ لهذا الرهان.