تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً عالمياً رائداً في التسامح والتعايش السلمي وكذلك في التنمية والازدهار، وهي تدرك جيداً أن ترسيخ هذا النموذج والحفاظ عليه واستدامته يتطلب الوقوف بحسم وحزم ضد أية محاولات أو أشخاص أو جماعات تحاول أن تنشر الأفكار والممارسات والأيديولوجيات التي تنشر الكراهية والعنف والإرهاب، ليس فقط داخل حدودها، ولكن أيضاً على المستويين الإقليمي والعالمي.
ضمن هذا السياق يمكن فهم قرار مجلس الوزراء الإماراتي الأخير بإدراج 11 فرداً و8 كيانات على قوائم الإرهاب المحلية، وفق القوانين والتشريعات المعتمدة في الدولة، وذلك لارتباطهم بتنظيم «الإخوان» الإرهابي، والذي يأتي في إطار حرص الإمارات والجهود المشتركة محلياً ودولياً على استهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له بشكل مباشر وغير مباشر.
لقد كشفت التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة خطورة تنظيم «الإخوان» الإرهابي ودوره التدميري للدولة والتفكيكي للمجتمعات، فمن السودان إلى ليبيا وسوريا وتونس ومصر واليمن وغيرها من دول المنطقة التي شهدت اضطرابات وفوضى أفضت إلى انهيار الدولة أو كادت تودي بها للتفكك والاقتتال الأهلي، كان تنظيم «الإخوان» حاضراً بأفكاره الأيديولوجية المتطرفة وسلوكياته الإرهابية وسياساته الإقصائية، فهذا التنظيم لا يتردد في القيام بأي أعمال في سبيل الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، حتى لو كانت على جثث الأوطان والاستقواء بالخارج وإحداث الفوضى والتخريب.
ومن هنا تكمن خطورة الجماعة الإرهابية وخطأ ومخاطر التسامح معها أو السماح لها بالتمدد وبث سمومها داخل المجتمعات.
وقد كانت دولة الإمارات واعية منذ البداية بخطورة هذه الجماعات وأفكارها الأيديولوجية الهدامة، ومن ثم عملت على فضح ممارساتها، وكشف حقيقة مخططاتها، وتوعية الرأي العام المحلي والعالمي بخطورتها.
كما تعمل الدولة باستمرار على رصد محاولات هذه الجماعة لاختراق المجتمع الإماراتي وتهديد نموذجه الرائد في التسامح والتنمية، وتتخذ الإجراءات الصارمة في مواجهتها، ولا سيما بعد الكشف عن تنظيمهم السري في الدولة عام 2013، حيث أدرجت رسمياً «الإخوان» وجماعات محلية تابعة لها على لائحة المنظمات الإرهابية في العام 2014، كما أعلنت في مطلع العام 2024، عن إحالة 84 متهماً من تنظيم الإخوان إلى محكمة أمن الدولة لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وبصفتها دولة قانون ومؤسسات، فإن دولة الإمارات تعمل على مواجهة خطر هذه الجماعة الإرهابية من خلال أدوات قانونية وتشريعية بالأساس، حيث أصدرت العديد من القوانين التي تضمن الحفاظ على بيئة التسامح والتعايش التي تنعم بها، وتحظر أي خطاب للكراهية والعنف أو التحريض عليه، كما أنها تتحرك دولياً من أجل كشف خطورة هذا التنظيم الإخواني، الذي بدأ بالفعل يخضع لتدقيق صارم وقوي في العديد من دول العالم بعد اتضاح خطورته على وحدة وتماسك المجتمعات التي تعيش فيها.
وفي النهاية، يجب أن نرفع رسالة شكر وتقدير للأعين الساهرة على أمن هذا الوطن، فالحفاظ على نموذجنا الرائد في التنمية والتسامح في بيئة إقليمية مضطربة، وفي مواجهة قوى وجماعات متربصة بنا، ليس بالأمر الهيّن، لكن الإمارات تقف بالمرصاد لكل من يحاول الاقتراب من أمنها ونموذجها الحضاري.