القانون للجميع

أهم المسائل المتعلقة بموضوع التركات (الجزء الثالث والأخير)

ت + ت - الحجم الطبيعي

نختم اليوم سلسلة مقالاتنا عن موضوع التركات، الذي استهللناه بإيراد أهم المسائل المتعلقة بالتركات من أموال وحقوق مالية، ثم انتقلنا إلى شرح موجز للإجراءات العملية لتوزيع التركة وتصفيتها وتسوية ديونها، وسنشرع في هذا المقال بشرح الخطوة الأخيرة في ملف التركة المتمثلة في قسمة أموال التركة وتسليم أموالها للورثة.

إن الغاية التي يرنو إليها الورثة من وراء فتح ملف التركة هي فرز وتسلُّم النصيب الشرعي لكل وارث، وللوصول إلى تلك الغاية لا بد من تنفيذ التزامات التركة التي فصّلناها سابقاً من سداد للديون وتنفيذ الوصايا والتكاليف، وبعدها يصبح المتبقي من مفردات التركة ملكاً خالصاً للورثة يتولى الوصي تسليمها للوَرثة بحسب أنصبتهم الشرعية، علماً بأن هذه الأموال تعتبر مملوكة للورثة من تاريخ وفاة المورّث، وليس من تاريخ التسليم الفعلي.

وقد أجاز القانون للورثة، بمجرد انقضاء الأجل المحدد لمنازعات جرد التركة، التقدم بطلب لتسلُّم كل أو بعض الأشياء والنقود التي لا تستلزمها التصفية، وذلك بصفة مؤقتة مقابل تقديم كفالة أو بدونها.

المسألة التي تثير إشكالات عملية من واقع التجربة هي فرز الأنصبة المملوكة على الشيوع للورثة، فقد أجاز القانون لكل وارث أن يطلب من وصي التركة تسليمه نصيبه من الإرث مفرزاً، إلا إن كان ملزماً بالبقاء في الشيوع، سواء كان ذلك باتفاق مع الورثة كما في ملكية الأسرة، أو بموجب نص في القانون كما في الشيوع الإجباري، أو وفقاً لتقدير القاضي متى كانت القسمة العاجلة من شأنها أن تؤدي إلى نقص محسوس في قيمة المال.

والحل الأمثل لمعضلة فرز الأنصبة هو اتفاق الورثة فيما بينهم على قسمة التركة رضائياً فيما يعرف بالتخارج، وهو أن يتخارج الورثة من أنصبتهم بعضهم لبعض، ليتمكنوا من فرز وتسجيل أنصبتهم والانتفاع بها. وإن تعذر اتفاق الورثة فيَطلب وصي التركة عندها من المحكمة إجراء القسمة وفقاً للقانون ويتحمل الورثة نفقات دعوى القسمة وتُخصم من أنصبتهم.

النقطة الجديرة بالذكر هي أن القانون نص على أنه إذا كان بين أموال التركة ما يستغل زراعياً أو صناعياً أو تجارياً ويعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ولم يتفق الورثة على استمرار العمل فيها ولم يتعلق بها حق للغير، وجب تخصيصه بكامله لمن يطلبه من الورثة إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به بشرط تحديد قيمته وحسمِها من نصيبه.

فإذا تساوت قدرة الورثة على الاضطلاع به، خصص لمن يعطي من بينهم أعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل.

وأخيراً، فإن كان ثمة وصية نهمس بها في أذان الورثة فهي حثهم على ابتدار مساعٍ للتسوية فيما بينهم، والوصول إلى اتفاق وتراضٍ وحلٍ ودي يفضي إلى انتفاع كل منهم بنصيبه الشرعي على الوجه الذي يراه مناسباً، وفي الوقت ذاته المحافظة على صلة الرحم وتماسك الأسرة بدون شحناء أو بغضاء، وذلك وفقاً لتعاليم ديننا الحنيف وإعمالاً لأعرافِنا وتقاليدنا وعاداتنا العربية الأصيلة.

اقرأ أيضاً:

أهم المسائل المتعلقة بموضوع التركات (1)

أهم المسائل المتعلقة بموضوع التركات 2

 

 

Email